للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه اللاهوت والناسوت، فاتَّحدا في بطن امرأة من ذُرِّية آدم هي مريم، فيكون ولدها إنسانًا كاملًا من حيث هو ولدها، وكان الله -تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا- في الجسد إلهًا كاملًا، فكان المسيح الذي أتى ليكون فدية خلقه، وهذا هو "الفداء"، ثم احتمل هذا الإنسان الكامل والإله الكامل أن يقدم ذبيحة، ليكون ذبحه تمزيقًا لصكِّ الدينونة المصلت على رأس بني آدم، فمات المسيح على الصليب، فاستوفي ناموس العدل بذلك حقَّه، واستوفي ناموس الرحمة بذلك حقه، وهذا هو "الصلب"، وكان احتمال ذلك كله كفارةٌ خطايا العالمين، تخلّصهم من ناموس هلاك الأبد، وهذا هو "الخلاص". ولما كان البشر كلهم خُطاةً بخطيئة أبيهم آدم وأمهم، فهم هالكون هلاك الأبد، ولا ينجيهم من عقاب الشريعة الإلهية العادل المخيف، سوى إيمانهم بالمسيح الفادي، وبحضوره في كل وقت في قلوب المؤمنين، في الفرح والحزن، والشقاء والسعادة، فهو الذي يؤازرهم بما يحتاجون إليه من العون والحكمة، ويخلصهم من ثقل الخطيئة، وينجيهم من العقوبة المستحقة عليهم منذ كانت الخطيئة الأولى.

وهذه "الألفاظ الأربعة" لا تعامل معاملة أشباهها، من جهة دلالتها على عقيدة متكاملة؛ فالخطيئة، في لغة العرب الجاهلين، ثم في لغة المسلمين، لا تحمل شيئًا من معانيها ولوازمها في لغة النصارى، وإن كان اللفظ واحدًا، ومعصية آدم عندنا معصية كسائر المعاصي؛ تمحوها التوبة، وخطيئة كسائر خطايا الناس؛ تغسلها المغفرة ممن يملك المغفرة، وهو الله سبحانه، وقد بين

<<  <   >  >>