للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله ذلك في قوله: {وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (٣٥) فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (٣٦) فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (١) فكانت توبة آدم ماحية لمعصيته في الدنيا والآخرة، لا تستتبع عقوبة باقية، وأن الله سبحانه كتب في صحف إبراهيم وموسى: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (٢) فلا يرث مولود خطيئة والدٍ: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (٤٠) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} (٣). فهذا ينقض على المسلم استعماله لفظ "الخطيئة" بمدلولها في الديانة المسيحية؛ لأن هذا الضرب من "الخطيئة" لا أصل له في عقيدته، بل هو منهيٌ أن يعتقد توارُثَ الخطيئة؛ لأنه إذا اعتقد ذلك كذّب خبر الله في كتابه بأن لا تزر وازرة وِزرَ أخرى، وتكذيب خبر الله واعتقاد خلافه كُفرٌ مجرَّدٌ لا يختلف في ذلك أحدٌ من المسلمين، ولا العقلاء عامة، مسلمين أو غير مسلمين.

وإذا بطل أن يكون للفظ "الخطيئة" عند المسلمين معنى يحمله، كالذي هو عند النصارى، بطل أن تحتاج معصية آدم إلى فدية تتطلبها ضرورة الجمع بين الرحمة والعدل. و"الفداء" بالمعنى الذي تدل عليه عقيدة النصاري غير


(١) سورة البقرة الآيات (٣٥ - ٣٧).
(٢) سورة النجم، الآية (٣٨).
(٣) سورة النجم، الآيتان (٣٩، ٤١).

<<  <   >  >>