للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مفهوم عند أحدٍ من المسلمين، ولا يرى ما يستوجبه؛ إذ لم تكن الخطيئة عندهم متوارثة في الذرية، وأما ما أستوجب معنى الفداء من ألوهية المسيح وبنوته الله -تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا- فإن الطفل الصغير يقرأ في أول ما يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) اللَّهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (٤)} (١) ثم يتعالى حتى يقرأ بعد ذلك: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (٢)، إلى آيات كثيرة بهذا المعنى، فاستحال أن يكون ذلك من عقيدة أحد من المسلمين، وإذا استحال هذا، استحال ما يوجب معنى "الفداء"، ولا يبقى لهذا اللفظ سوى المعنى اللغوي العربي المشهور.

وإذا بطل هذان المعنيان لهذين اللفظين: "الخطيئة"، و"الفداء"، على الوجه الذي هو من عقيدة النصارى وديانتهم، لم يكن للفظ "الصلب" بعد ذلك أي معنى، سوى المعنى اللغوي المشهور، سواء كان المسيح قد صلب كما يعتقد النصارى، أو لم يصلب كما يعتقد المسلمون، بما أنباهم الله سبحانه وتعالى؛ إذ يقول في كتابه الكريم حين ذكر اليهود وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي


(١) سورة الإخلاص.
(٢) سورة المائدة، الآية (١٧).

<<  <   >  >>