المسلم وغير المسلم، ممن شم طرفًا من معرفة عقائد النصرانية، فيهتزَّ لهذا الشعر اهتزازه لأي شعر آخر، ضُمِّن بيانًا مشرقًا عن إحساس صحيح نابض، وأظن أن الذين يتكلمون في "معركة الشعر"، لم يريدوا قط أن يحجروا على النصارى أن يقولوا من جيِّد شعرهم ما جادت قرائحهم بالجيد من الشعر، ولم يستنكروا على ذي عقيدة أن تجري ألفاظ عقيدته في شعره.
ولكن الشيء العجيب المحير، هو أن كثيرًا من رُوَّاد الشعر الحديث في السنوات الأخيرة، قد أوغلوا في استخدام هذه الألفاظ الأربعة، وقليل من أشباهها في شعرهم، وهم جميعا مسلمون!! فالأمر عندئذٍ يوجب إعادة النظر. أهؤلاء جميعًا قد تواطأوا على استعمال هذه الألفاظ الأربعة بدلالتها اللغوية المجردة، أم بدلالتها التي تتطلبها العقيدة المسيحية: مترابطة متواصلة لا ينقطع حبل معانيها المتداعية من "الخطيئة" إلى "الفداء"، إلى "الصلب"، إلى "الخلاص" كما أسلفت بيانه؟
فإذا كانوا قد تواطأوا على استعمالها بدلالتها اللغوية المجردة فما الذي ألزمهم هذه الألفاظ الأربعة، ولم يضعوا مكان الخطيئة مثلا "الإثم"، أو "الذنب" أو "الحُوب" أو "المعصية"، أو "الزلَّة" أو ما شئت؟ وكيف تواطأوا -على تباعد الديار والأوطان- على هذه الكملة؟ وأي سحر فيها؟ ولم قالوا:"الفداء" وأكثروا، ولم يقولوا قط:"الكفارة"؟ ولم قالوا:"الصلب" و"الصليب"، ولم يقولوا:"الشنق"، و"المشنقة"، وهي أشهر وأعرف وأكثر استعمالًا إلى اليوم؟ ولم قالوا:"الخلاص"، ولم يقولوا "النجاة"؟ والجواب بلا شك أنهم لم يستعملوها بدلالتها اللغوية، ولا فكروا في ذلك، لأسباب