ومؤسسات الحكم، والطبقية في الغرب في ذلك الوقت، كما يُستخدم ليدخل مفاهيم جديدة تحل محل العقائد المرفوضة؛ مثل مفهوم (الإنسانية) ككيان عام، و (الإنسان) ككيان مطلق يحدد وحده معايير حياته وقيمها وأهدافها انطلاقًا من إعمال العقل - (بمفهومه كحس عام مطلق موضوعي) - في شتى شؤون الحياة، وهكذا تتحدد وترتسم الملامح والمحددات والمفاهيم الكبرى لفكر التنوير، وهي: إعلاء شأن العقل بمفهومين هما: العقل المادي والتشككي من ناحية، والمطلق العام الموضوعي المشترك بين البشر من ناحية أخرى باعتباره وحده - (لا الدِّين ولا الوحي ولا الكتاب المقدس ولا الكنيسة الَّتي أسقطها النقد الموضوعي العقلي) - مناط الهداية والتوجيه والسلوك، ورسم القيّم والأهداف العامة في الحياة لذلك الكائن العام وهو الإنسان أو الإنسانية، الذي أصبح وحده - (وليس الإله) - معيار كل شيء، وواضع القيِّم والأهداف؛ بل هو هدف كل نشاط ومقصده. ومع العقل والإنسان تصبح الدُّنْيَا هي المحور الأساس لكل نشاط وعمل، بل تصبح هي الوجود الوحيد ولا وجود غيره (الآخرة مثلًا).
هذا اختصار شديد لمجمل فكر التنوير، ركَّزنا فيه على جانب الموقف من الدِّين، وهو الجانب الرئيسي فيه، كما أنَّه الجانب الأكبر في دعوى التنوير الَّتي بدأ بعض العلمانيين والتغريبيين في العالم الإِسلامي في الترويج لها في الفترة الأخيرة، والواقع أننا عندما نسمع في هذه الآونة الحديث المتكرر عن ضرورة وضع كل عقائد الإسلام وشريعته وكتابه وتاريخه على محك ما يسمى بالعقل - (وهوفي الحقيقة عقل خاص يتعلق بأصحاب الدعاوي