للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقول: "اللهم اشهد". غير مرة (١)، وأمثال ذلك كثير.

كما أوضح هذا شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من أهل العلم (٢)، والمقصود أن هذا المعتقد الفاسد، الذي تعتقده الجهمية المعطلة، ومن سار على سبيلهم من أهل البدع، من أفسد المعتقدات وأخبثها، وأعظمها بلاء وتنقصًا للخالق جل وعلا، نعوذ بالله من زيغ القلوب. والأدلة على بطلان هذا المذهب الضال كثيرة؛ فإن العقل الصحيح، والفطرة السليمة، ينكران ذلك، فضلًا عن الأدلة الشرعية الثابتة، أما استدلال بعضهم بالآيات المذكورة آنفًا، فإنه من أبطل الباطل؛ حيث زعموا أنه يؤخذ من الآيات أن الله موجود بذاته في الأرض، بجانب الطور، تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا.

وقد خفي على هذا القائل أن المعية نوعان: عامة وخاصة؛ فالخاصة كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (٣)، وقوله سبحانه: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (٤)، وقوله: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (٥)، وأشباهها من الآيات؛ فهو سبحانه مع أنبيائه وعباده المؤمنين المتقين بالنصر والتأييد، والإعانة والتوفيق والتسديد، والكفاية والرعاية والهداية؛ كما قال عز وجل فيما رواه عنه نبيه -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: "ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع


(١) رواه مسلم بنحوه رقم (١٢١٨).
(٢) انظر الفتاوي ج ٥ ص ١٤.
(٣) سورة النحل، الآية (١٢٨).
(٤) سورة التوبة، الآية (٤٠).
(٥) سورة طه، الآية (٤٦).

<<  <   >  >>