للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن هذه الألفاظ مما التبس فيها الحق بالباطل، فبعض الناس ينكرها جملة وتفصيلًا لما يجد فيها من الباطل، وبعضهم يؤمن بها لما يجد فيها من الحق، ونحن في هذه العجالة نبين إن شاء الله ما فيها من الحق وما فيها من الباطل لنكون من الذين يلتزمون طريق العدل والإنصاف، ويتجنبون طريق الزيغ والضلال.

فأقول وبالله التوفيق:

أولا: "القطب": وهو المسمى عندهم "قطب الأقطاب والغوث الجامع"، وهو عند التجانية: الخليفة عن الله تعالى في تصريف جميع الوجود جملة وتفصيلًا؛ فحيث كان الرب إلهًا كان هو خليفته في تصريف الحكم، وفي ذلك يقول مؤلف جواهر المعاني: "وسألته عن حقيقة القطبانية فأجاب رضي الله عنه بقوله: اعلم أن حقيقة القطبانية هي الخلافة العظمى عن الحق مطلقًا في جميع الوجود جملة وتفصيلًا؛ حيثما كان الرب إلهًا كان هو خليفة في تصريف الحكم وتنفيذه في كل من عليه ألوهية الله تعالى، ثم قيامه بالبرزخية العظمى بين الحق والخلق؛ فلا يصل إلى الخلق شيء كائنًا ما كان من الحق إلا بحكم القطب وتوليه ونيابته عن الحق في ذلك، وتوصيله كل قسمة إلى محلها، ثم قيامه في الوجود بروحانيته في كل ذرة من ذرات الوجود جملة وتفصيلًا، وقيامه فيها في أرواحها وأشباحها، ثم تصرفه في مراتب الأولياء؛ يتذوق مختلف أذواقهم، فلا تكون مرئية في الوجود للعارفين والأولياء خارجة عن ذوقه، فهو المتصرف في جميعها والممد لأربابها، وله اختصاص بالسر المكتوم الذي لا مطمع لأحد في دركه والسلام" (١)!!


(١) جواهر المعاني ٢/ ٩٠.

<<  <   >  >>