للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعاليات البشر في المجتمع، وهي ماء الحياة فيه؛ لأنها تمنح النَّاس الحساسية الإنسانية تجاه الذوق الاجتماعي، وتجاه محددات (العيب)، و (الجائز وغير الجائز) من السلوك.

إن النَّاس قد ينسون الأصل الشرعي لحرمة الفعل أو عيبه أو نكرته، ولكنه يبقى في وعيهم أن هذا عيب أو حرام أو منكر. وعندما يقع التشتت والتمزق في الوعي الثقافي يتبعه التمزق في النسيج الاجتماعي، والتمرد على القيّم والتقاليد الحافظة لتواصل المجتمع ونقائه ومجمل أخلاقه؛ ولذا فلا غرو في أن الغزو الثقافي يؤثر جوهريًا في الأصل العام في الإسلام؛ ألا وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"؛ وذلك أن (المعروف والمنكر) رغم أنهما ينبعان من الأصل الديني مباشرة إلَّا أنهما -في السلوك الاجتماعي- وعي ثقافي عند العامة بشكل أساس، وعرف عام تغلغل في نسيج المجتمع، وعندما يضعف إلمام النَّاس بالشريعة وعلومها وحججها يبقى هذا العرف الاجتماعي أو "الثقافة" الَّتي تصبغ نسيج المجتمع وعفويته تبقى هي الحافظة المعنى المنكر والمعروف. صحيح أن بعضًا من الخلط والانحراف يقع، وهذا أمر محتوم، ولكن يبقى أن النسيج العام للمجتمع يعرف المعروف وينكر المنكر.

ولعل القرآن الكريم قد ضرب لنا مثلًا واضحًا في خطورة التخريب الثقافي الَّذي يصل إلى حد الانقلاب في العرف العام في المجتمع من خلال قصة "قوم لوط" ومقولتهم العجيبة: {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ

<<  <   >  >>