للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والاقتصاد بين الرأسمالية والشيوعية، ومع ذلك فالرأسمالية مع فسادها وخلالها أقرب منهجًا إلى الإسلام من الشيوعية، ولا يصح أن يقال إن الإسلام يقف في المنتصف تمامًا بين الرأسمالية والشيوعية.

الحقيقة الرابعة: أن الوسطية وصف ثبت هذه الأمة بالجعل الإلهي القدري؛ كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ}. أي أن الوسطية ليست منهجًا في استنباط الأحكام، ولا هي حتى طريقة من طرق الترجيح التي قد يلجأ إليها المجتهد عند تعارض الأدلة، أو عند تناقض الأقوال الواردة عن السلف في مسألة ما.

ومعني ذلك أنه ليس على طالب الحق أن يسعى إلى الرأي الوسط في كل أمر يعرض له، وإنما الواجب عليه أن يسعى لمعرفة حكم الشرع عن طريق الأدلة الشرعية، فإذا وصل إليه كان هذا هو الوسط الذي أراده الل سمة من سمات هذه الملة.

وبعد؛ فلعله قد استبان من هذه الحقائق التي ذكرناها بطلان ما يدعيه دعاة العصرية، الذين ينهجون نهجا توفيقيًا يحاولون فيه المواءمة بين حقائق الإسلام وبين ما يفد إلينا من ثقافة الغرب وحضارته، ولعله قد أستبان أيضًا عدم صحة ما يبديه بعض الإسلاميين من تنازلات وتساهلات في الأحكام الشرعية بدعوى الحفاظ على مبدأ الوسطية.

وعلى ذلك فلا يصح أن يجعل البعض من قضية الوسطية سيفًا مسلطًا على كل من خالفه، فيرميه بأنه قد غلا وخالف الوسطية والاعتدال، وقد

<<  <   >  >>