وليعلم المتهاون بصلاته، المستخف بها، المسابق الإمام فيها: أنه لا صلاة له، وأنه إذا ذهبت صلاته فقد ذهب دينه. فعظموا الصلاة رحمكم الله. وتمسكوا بها.
واتقوا الله فيها خاصة. وفى أموركم عامة.
واعلموا أن الله ﷿ قد عظم خطر الصلاة فى القرآن وعظم أمرها وشرّفها وشرف أهلها. وخصها بالذكر من بين الطاعات كلها فى مواضع من القرآن كثيرة. وأوصى بها خاصة
فمن ذلك: أن الله تعالى ذكر أعمال البر (١) التى أوجب لأهلها الخلود فى الفردوس. فافتتح تلك الأعمال بالصلاة. وختمها بالصلاة. وجعل تلك الأعمال التى جعل لأهلها الخلود فى الفردوس بين ذكر الصلاة مرتين. قال الله تعالى:(١:٢٣ - ١١ ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ﴾) فبدأ من صفتهم بالصلاة عند مديحه إياهم. ثم وصفهم بالأعمال الطاهرة الزاكية المرضية، إلى قول الله ﷿(﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ أُولئِكَ هُمُ الْوارِثُونَ. الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيها خالِدُونَ﴾) فأوجب الله ﷿ لأهل هذه الأعمال الشريفة الزاكية المرضية الخلود فى الفردوس. وجعل هذه الأعمال بين ذكر الصلاة مرتين، ثم عاب الله ﷿ الناس كلهم وذمهم، ونسبهم إلى اللؤم والهلع والجزع، والمنع للخير، إلا أهل الصلاة. فإنه استثناهم منهم، فقال الله ﷿(١٩:٧٠ - ٣٥ ﴿إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً. إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً. وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً﴾) ثم استثنى المصلين منهم، فقال:(﴿إِلاَّ الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ. وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ. لِلسّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾) ثم وصفهم بالأعمال الزاكية الطاهرة المرضية الشريفة: إلى قوله: (﴿وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ﴾) ثم ختم بثنائه عليهم ومدحهم، بأن ذكرهم بمحافظتهم على الصلاة. فقال:(﴿الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ. أُولئِكَ فِي جَنّاتٍ مُكْرَمُونَ﴾)
(١) فى نسخة: فمن ذلك أن ذكر الله تعالى فى أمر الطاعات التى أوجب لأهلها