فأوجب لأهل هذه الأعمال الكرامة فى الجنة. وافتتح ذكر هذه الأعمال بالصلاة وختمه بالصلاة. فجعل ذكر هذه الأعمال بين ذكر الصلاة مرتين. ثم ندب الله ﷿ رسوله ﷺ إلى الطاعة كلها جملة وأفرد الصلاة بالذكر من بين الطاعة كلها. والصلاة هى من الطاعة. فقال ﷿(٤٥:٢٩ ﴿اُتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ. وَأَقِمِ الصَّلاةَ﴾) ففى تلاوة الكتاب: فعل جميع الطاعات، واجتناب جميع المعصية. فخص الصلاة بالذكر. فقال:(﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ. إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾) وإلى الصلاة خاصة ندبه الله ﷿، فقال (١٣٢:٢٠ ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ، وَاصْطَبِرْ عَلَيْها، لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً. نَحْنُ نَرْزُقُكَ﴾) فأمره أن يأمر أهله بالصلاة ويصطبر عليها. ثم أمر الله تعالى جميع المؤمنين بالاستعانة على طاعته كلها بالصبر، ثم خص الصلاة بالذكر من بين الطاعة كلها فقرنها مع الصبر بقوله (١٥٣:٢ ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصّابِرِينَ﴾) فكذلك أمر الله تعالى بنى إسرائيل بالاستعانة بالصبر والصلاة على جميع الطاعة. ثم أفرد الصلاة من بين الطاعة. فقال (٤٥:٢ ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ، وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاّ عَلَى الْخاشِعِينَ﴾) ومثل ذلك: ما أخبر الله ﷿ به من حكمه ووصيته خليله إبراهيم ولوطا وإسحاق ويعقوب، فقال (٦٩:٢١ - ٧٣ ﴿يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ﴾ - إلى قوله -: ﴿وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً﴾ - إلى قوله -: ﴿وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً﴾ - إلى قوله -: ﴿وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ﴾) فذكر الخيرات كلها جملة، وهى جميع الطاعات واجتناب جميع المعصية. وأفرد الصلاة بالذكر، وأوصاهم بها خاصة. ومثل ذلك: ما ذكر عن إسماعيل فى قوله (٥٥:١٩ ﴿وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ. وَكانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا﴾) فبدأ بالصلاة. ومثل ذلك عن نجيّه موسى ﵇ فى قوله (٢٠: ٩ - ١٤ ﴿هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى﴾ - إلى قوله - ﴿إِنَّنِي أَنَا اللهُ، لا إِلهَ إِلاّ أَنَا، فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾) فأجمل الطاعة واجتناب المعصية فى قوله لموسى ﴿فَاعْبُدْنِي﴾