الشيخ، مسألة. قال: أوسعوا للشيخ موضعا، إلى أن وصلت بين يديه. فقال لى:
اجلس، فجلست: فقال لى سرا: ألست الرجل الذى بعث بك رسول الله ﷺ؟ فوقعت علىّ الرّعدة. فقلت: نعم، وأمسكت، ثم قال لى: أيها الشيخ هات مسألتك. فسألته عن الحديث: إن النبى ﷺ قال «يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب» فقال لى: يا أبله، أنت والذين سألتهم، حدثنا فلان عن فلان - وذكر الإسناد - أنه إذا كان يوم القيامة، وحصل أهل الموقف يقول الله سبحانه: هؤلاء إلى الجنة، ولا أبالى - ثلاث مرات - ويحثنى ثلاث حثيات.
فمن قبضته أربع عشرة سماء، والأرض فى يده كحبة خردل فى أرض فلاة: كم مرة سبعون ألفا؟
قال: وحكى لنا أيضا هذا الشيخ عن الحسن بن خيرون - صاحب أبى بكر عبد العزيز - أنه قال: قال لى أبو بكر عبد العزيز: كنت مع أستاذى - يعنى أبا بكر الخلال - وأنا غلام مشتد، فاجتمع معه جماعة يتذاكرون بعد عشاء الآخرة فقال بعضهم لبعض: أليس مقبل - يعنى رجلا أسود، كان ناطورا بباب حرب - لنا مدة ما رأيناه؟ فقاموا يقصدونه، وقال لى أستاذى - يعنى أبا بكر الخلال - لا تبرح، احفظ الباب، فتركتهم حتى مضوا، وأغلقت الباب وتبعتهم. فلما بلغنا بعض الطريق قال لى أستاذى - يعنى الخلال - هو ذا، أرى وراءنا شخصا، فوقفوا فقال لى: أنت من؟ فأمسكت فزعا من أستاذى. فجاءنى واحد منهم، وأخذ بيدى، وقال: بالله عليك إلا تركته. فإن النجابة بين عينيه. فتركنى، ومضيت معه. فدخلنا إلى قراح فيه باذنجان مملوءا، والأسود قائم يصلى فسلموا، وجلسوا إلى أن سلم. وسلم بعضهم على بعض. فأخرج كساء فيه كسر يابسة وملح جريش وقال: كلوا، فتحدثوا. فأخذوا يذكرون كرامات الصالحين، وهو ساكت - يعنى الأسود - فقال واحد من الجماعة: يا مقبل، قد زرناك فما تحدثنا بشئ؟ فقال: إيش أنا؟ وأى شئ عندى أحدثكم؟ أنا أعرف رجلا لو سأل الله أن يجعل