. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
عَلَى ذِكْرِهَا عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي التَّأْرِيخِ بِهَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى دُخُولِهِ مَحَلَّ الِاعْتِكَافِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ اعْتَكَفَ عَشْرًا أَوْ شَهْرًا وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ، وَحَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ الثَّوْرِيِّ، وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ يَبْدَأُ الْعَشْرَ بِكَمَالِهَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبَرُ عِنْدَ الْجُمْهُورِ لِمَنْ أَرَادَ الِاعْتِكَافَ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَابْنِ الْمُنْذِرِ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَحَكَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الثَّوْرِيِّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ قَالَ بِهِ إلَّا الْأَوْزَاعِيَّ وَاللَّيْثَ، وَقَالَ بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ انْتَهَى وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الصُّبْحَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ» وَتَأَوَّلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ دَخَلَ الْمُعْتَكَفَ وَانْقَطَعَ فِيهِ وَتَخَلَّى بِنَفْسِهِ بَعْدَ صَلَاتِهِ الصُّبْحَ لَا أَنَّ ذَلِكَ وَقْتُ ابْتِدَاءِ الِاعْتِكَافِ بَلْ كَانَ مِنْ قَبْلِ الْمَغْرِبِ مُعْتَكِفًا لَابِثًا فِي الْمَسْجِدِ فَلَمَّا صَلَّى الصُّبْحَ انْفَرَدَ.
[فَائِدَة جَوَازُ أَنْ يُقَالَ رَمَضَانُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الشَّهْرِ] ١
(السَّادِسَةُ) فِيهِ جَوَازُ أَنْ يُقَالَ رَمَضَانُ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الشَّهْرِ وَبِهِ قَالَ الْبُخَارِيُّ وَنَقَلَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْمُحَقِّقِينَ قَالُوا وَلَا كَرَاهَةَ فِي ذَلِكَ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يُقَالُ رَمَضَانُ عَلَى انْفِرَادِهِ وَإِنَّمَا يُقَالُ شَهْرُ رَمَضَانَ وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ وَتَعَلَّقُوا فِي ذَلِكَ بِأَنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهِ إلَّا بِقَيْدٍ، وَقَالَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَابْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ إنْ كَانَ مِثَالُ قَرِينَةٍ تَصْرِفُهُ إلَى الشَّهْرِ فَلَا كَرَاهَةَ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ، فَيُقَالُ صُمْنَا رَمَضَانَ وَنَحْوَهُ وَيُكْرَهُ جَاءَ رَمَضَانُ وَنَحْوُهُ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ وَالْمَذْهَبَانِ الْأَخِيرَانِ فَاسِدَانِ؛ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ إنَّمَا تَثْبُت بِنَهْيٍ شَرْعِيٍّ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ، وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلَمْ يَصِحَّ فِيهِ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ جَاءَ فِيهِ أَثَرٌ ضَعِيفٌ وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ لَا تُطْلَقُ إلَّا بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ اسْمٌ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ كَرَاهَةٌ انْتَهَى.
(السَّابِعَةُ) فِي «قَوْلِهَا حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ» اسْتِمْرَارُ هَذَا الْحُكْمِ وَعَدَمُ نَسْخِهِ وَأَكَّدَتْ ذَلِكَ بِقَوْلِهَا ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ فَأَشَارَتْ إلَى اسْتِمْرَارِ حُكْمِهِ حَتَّى فِي حَقِّ النِّسَاءِ فَكُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ يَعْتَكِفْنَ بَعْدَ النَّبِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute