(أَشْرَاطُ السَّاعَةِ) عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ «خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ إلَّا اللَّهُ» {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: ٣٤]
ــ
[طرح التثريب]
إنَّمَا تَوَجَّهَتْ حَجَّتُهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ قَدْ عَلِمَ مِنْ التَّوْرَاةِ مَا ذَكَرَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ تَابَ عَلَيْهِ وَاجْتَبَاهُ وَأَسْقَطَ عَنْهُ اللَّوْمَ، وَالْمُعَاتَبَةَ حَتَّى صَارَتْ تِلْكَ الْمَعْصِيَةُ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ [فَقَدْ] وَقَعَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ وَعَلَى غَيْرِ مُسْتَحِقِّهِ فَكَانَ هَذَا مِنْ مُوسَى نِسْبَةَ جَفَاءٍ فِي حَالِ صَفَاءٍ كَمَا قَالَ بَعْضُ أَرْبَابِ الْإِشَارَاتِ (ذِكْرُ الْجَفَاءِ فِي حَالِ الصَّفَاءِ جَفَاءٌ) وَهَذَا الْوَجْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَشْبَهَ مَا ذُكِرَ، وَبِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ ذَلِكَ الْإِلْزَامَ لَا يَلْزَمُ.
(التَّاسِعَةُ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِيهِ الْأَصْلُ الْحَتْمُ الَّذِي اجْتَمَعَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْحَقِّ، وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ فَرَغَ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ فَكُلٌّ يَجْرِي فِيمَا قُدِّرَ لَهُ وَسَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَهُوَ مِنْ أَوْضَحِ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي إثْبَاتِ الْقَدَرِ وَدَفْعِ قَوْلِ الْقَدَرِيَّةِ وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إلَى الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يُطَالِبُ خَلْقَهُ بِمَا قَضَى عَلَيْهِمْ وَقَدَّرَهُ وَلَكِنْ يُطَالِبُهُمْ بِمَا نَهَاهُمْ عَنْهُ وَأَمَرَ؛ فَطَالِبْ نَفْسَك مِنْ حَيْثُ يُطَالِبُك رَبُّك، وَالسَّلَامُ، وَرَوَيْنَا أَنَّ النَّاسَ لِمَا خَاضُوا فِي الْقَدَرِ بِالْبَصْرَةِ اجْتَمَعَ مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ وَرَفِيعُ أَبُو الْعَالِيَةِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ تَعَالَ نَنْظُرْ مَا خَاضَ النَّاسُ فِيهِ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ؛ فَقَعَدَا وَفَكَّرَا، فَاتَّفَقَ رَأْيُهُمَا أَنَّهُ يَكْفِي الْمُؤْمِنَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ إلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ، أَوْ سَطَّرَهُ عَلَيْهِ.
(الْعَاشِرَةُ) وَفِيهِ إثْبَاتُ الْمُنَاظَرَةِ، وَالْحِجَاجِ وَلَوْ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ وَمَنْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ إذَا كَانَ الْقَصْدُ بِذَلِكَ طَلَبَ الْحَقِّ وَتَقْرِيرَهُ، وَالِازْدِيَادَ مِنْ الْعِلْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[أَشْرَاطُ السَّاعَةِ]
[حَدِيث خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ إلَّا اللَّهُ]
(أَشْرَاطُ السَّاعَةِ) (الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ)
عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ إلَّا اللَّهُ. {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: ٣٤]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute