للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ «احْتَبَسَ جِبْرِيلُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ

ــ

[طرح التثريب]

شَيْخُنَا الْإِمَامُ جَمَالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحِيمِ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ جَوَازُ قَتْلِهَا فَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَاخْتَارَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ الْمَنْعَ مِنْ قَتْلِهَا.

(الْقَوْلُ الثَّالِثُ) أَنَّهَا مَمْنُوعٌ مِنْ قَتْلِهَا إلَّا الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ هَذَا كَمَا سَيَأْتِي حِكَايَةُ كَلَامِهِ فِي الْفَائِدَةِ الَّتِي بَعْدَهَا وَيَدُلُّ لَهُ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِ الْكِلَابِ حَتَّى إنَّ الْمَرْأَةَ تَقْدُمُ مِنْ الْبَادِيَةِ بِكَلْبِهَا فَنَقْتُلُهُ ثُمَّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِهَا، وَقَالَ عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ» وَقِيلَ فِي مَعْنَى كَوْنِهِ شَيْطَانًا أَنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ الْمَنَافِعِ قَرِيبٌ مِنْ الْمَضَرَّةِ وَالْأَذَى.

(الثَّالِثَةُ) اُخْتُلِفَ فِي الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هَلْ كَانَ قَبْلَ نَسْخِهِ عَامًّا أَوْ مَخْصُوصًا بِمَا عَدَا الْمُنْتَفَعَ بِهِ لِلصَّيْدِ وَنَحْوِهِ حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَقَالَ: عِنْدِي أَنَّ النَّهْيَ أَوَّلًا كَانَ عَامًّا عَنْ اقْتِنَاءِ جَمِيعِهَا وَأَمَرَ بِقَتْلِ جَمِيعِهَا ثُمَّ نَهَى عَنْ قَتْلِ مَا سِوَى الْأَسْوَدِ، وَمَنَعَ الِاقْتِنَاءَ فِي جَمِيعِهَا إلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ مَاشِيَةٍ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي هُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ، وَيَكُونُ حَدِيثُ ابْنِ مُغَفَّلٍ مَخْصُوصًا بِمَا عَدَا الْأَسْوَدَ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ فَيُخَصُّ مِنْهُ الْأَسْوَدُ بِالْحَدِيثِ الْآخَرِ.

(الرَّابِعَةُ) قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ «أَوْ كَلْبَ غَنَمٍ أَوْ مَاشِيَةٍ» فِيهِ تَكْرَارٌ، وَهُوَ مِنْ ذِكْرِ الْعَامِّ بَعْدَ الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ الْمَاشِيَةَ أَعَمُّ مِنْ الْغَنَمِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ اسْتِعْمَالَهَا فِي الْغَنَمِ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ التِّرْمِذِيَّ وَالنَّسَائِيُّ اقْتَصَرَا فِي رِوَايَتِهِمَا عَلَى الْمَاشِيَةِ.

[فَائِدَة تَحْرِيمُ أَكْلِ الْكِلَابِ] ١

(الْخَامِسَةُ) اسْتَدَلَّ بِالْأَمْرِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ عَلَى تَحْرِيمِ أَكْلِهَا؛ لِأَنَّ مُبَاحَ الْأَكْلِ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ.

[حَدِيث جِبْرِيلُ إنَّا لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ]

(الْحَدِيثُ الثَّالِثُ) وَعَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ «احْتَبَسَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ مَا حَبَسَك؟ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>