. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَطْلُ ظُلْمًا مِنْ الْغَنِيِّ فَلْيَقْبَلْ الْحَوَالَةَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ يَتَحَرَّزُ عَنْ الظُّلْمِ وَلَا يَمْطُلُ. انْتَهَى. وَقَدْ بَيَّنَّا مَا بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ مِنْ التَّعَلُّقِ وَالِارْتِبَاطِ مَعَ عَطْفِهَا عَلَيْهَا بِالْوَاوِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة الْمُعْتَبَرَ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ] ١
(الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي صِحَّةِ الْحَوَالَةِ رِضَا الْمُحِيلِ وَالْمُحْتَالِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُمَا اللَّذَانِ اعْتَبَرَ الشَّرْعُ فِعْلَهُمَا ذَاكَ بِالْإِحَالَةِ، وَهَذَا بِقَبُولِهَا دُونَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا ذِكْرَ لَهُ فِي الْحَدِيثِ، وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَذَهَبَ الْإِصْطَخْرِيُّ وَالزُّبَيْرِيُّ مِنْهُمْ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ رِضَاهُ أَيْضًا فَإِنَّهُ أَحَدُ أَرْكَانِ الْحَوَالَةِ فَأَشْبَهَ الْمُحِيلَ وَالْمُحْتَالَ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْحَوَالَةَ تَصِحُّ بِدُونِ رِضَا الْمُحِيلِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْتِزَامَ الدَّيْنِ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ تَصَرُّفُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَهُوَ لَا يَتَضَرَّرُ بِهِ بَلْ فِيهِ نَفْعُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِهِ.
(الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ) ظَاهِرُهُ انْتِقَالُ الدَّيْنِ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَوْلَا ذَلِكَ لَمَا قَيَّدَ الْأَمْرَ بِقَبُولِهَا بِكَوْنِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ مَلِيئًا فَإِنَّهُ لَا ضَرَرَ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ فِي الْحَوَالَةِ عَلَى الْمُعْسِرِ لِبَقَاءِ حَقِّهِ فِي ذِمَّةِ الْمُحِيلِ بِحَالِهِ وَبِهَذَا قَالَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ فِي الْجُمْلَةِ، وَقَالَ زُفَرُ وَالْقَاسِمُ بْنُ مَعِينٍ لَا يُبْرِئُ الْمُحِيلَ كَالضَّمَانِ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ لَا يَبْرَأُ إلَّا إنْ اشْتَرَطَ الْبَرَاءَةَ وَكَانَتْ الْحَوَالَةُ عَلَى مُوسِرٍ أَوْ عَلَى مُعْسِرٍ وَأَعْلَمَهُ بِإِعْسَارِهِ فَإِنْ لَمْ يُعْلِمْهُ بِإِعْسَارِهِ فَلَا بَرَاءَةَ وَلَوْ شَرَطَهَا.
(السَّادِسَةَ عَشْرَةَ) يَتَرَتَّبُ عَلَى انْتِقَالِ الدَّيْنِ وَبَرَاءَةِ الْمُحِيلِ أَنَّ الْمُحْتَالَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِحَالٍ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمَا حَتَّى لَوْ أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ وَمَاتَ أَوْ لَمْ يَمُتْ أَوْ جَحَدَ وَحَلَفَ لَمْ يَكُنْ لِلْمُحْتَالِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُحِيلِ كَمَا لَوْ تَعَوَّضَ عَنْ الدَّيْنِ ثُمَّ تَلِفَ الْعِوَضُ فِي يَدِهِ فَلَوْ شَرَطَ فِي الْحَوَالَةِ الرُّجُوعَ بِتَقْدِيرِ الْإِفْلَاسِ أَوْ الْجُحُودِ فَهَلْ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ وَالشَّرْطُ أَمْ الْحَوَالَةُ فَقَطْ أَمْ لَا يَصِحَّانِ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ هَذَا إذَا طَرَأَ الْإِفْلَاسُ فَلَوْ كَانَ مُفْلِسًا حَالَ الْحَوَالَةِ فَالصَّحِيحُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَقَالَ بِهِ جُمْهُورُ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمُحْتَالِ سَوَاءٌ شَرَطَ يَسَارَهُ أَمْ أَطْلَقَ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ فِي الْحَالَتَيْنِ وَاخْتَارَهُ الْغَزَالِيُّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَثْبُتُ إنْ شَرَطَ فَقَطْ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute