وَعَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ فَغَنِمُوا إبِلًا كَثِيرَةً فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ اثْنَا
ــ
[طرح التثريب]
تَفْرِيقِ مُلْكِ كِسْرَى رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ بِكِتَابِهِ إلَى كِسْرَى مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ فَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ؛ فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إلَى كِسْرَى فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ» فَحَسِبْت أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ قَالَ «فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ» وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ فِي مَعْنَاهُ قَوْلَيْنِ (أَحَدُهُمَا) أَنَّ مَعْنَاهُ لَا يَعُودُ لِلرُّومِ، وَلَا لِلْفُرْسِ مُلْكٌ قَالَ: وَهَذَا يَصِحُّ فِي كِسْرَى، وَأَمَّا الرُّومُ فَقَدْ أَنْبَأَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِبَقَاءِ مُلْكِهِمْ إلَى نُزُولِ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -؛، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ الْمُسْتَوْرِدِ الْقُرَشِيِّ أَنَّهُ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ» .
(الْقَوْلُ الثَّانِي) أَنَّ مَعْنَاهُ إذَا هَلَكَ كِسْرَى وَقَيْصَرُ فَلَا يَكُونُ بَعْدَهُمَا مِثْلُهُمَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ كَانَ، وَهَذَا أَعَمُّ وَأَتَمُّ (قُلْت) وَمِمَّا انْقَرَضَ، وَلَمْ يَعُدْ بَقَاءُ اسْمِ قَيْصَرَ لِأَنَّ مُلُوكَ الرُّومِ لَا يُسَمَّوْنَ الْآنَ بِالْأَقَاصِرَةِ، وَذَهَبَ ذَلِكَ الِاسْمُ عَنْ مُلْكِهِمْ فَصَدَقَ أَنَّهُ لَا قَيْصَرَ بَعْدَ ذَلِكَ الْأَوَّلِ، وَظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ «لَا كِسْرَى» عَلَى ظَاهِرِهِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا قَوْلُهُ «لَا قَيْصَرَ» فَفِيهِ أَرْبَعُ احْتِمَالَاتٍ: لَا قَيْصَرَ بِالشَّامِ؛ لَا قَيْصَرَ كَمَا كَانَ لَا قَيْصَرَ فِي الِاسْمِ، لَا قَيْصَرَ مُطْلَقًا، وَلَا يَصِحُّ هَذَا الرَّابِعُ لِمُخَالِفَتِهِ لِلْوَاقِعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{الْخَامِسَةُ} قَوْلُهُ «وَلْتُقَسِّمُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» ، وَقَوْلُهُ «لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» أَمْرَانِ وَقَعَا كَمَا أَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُسِّمَتْ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ ثُمَّ أَنْفَقَهَا الْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْغَزْوُ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْغَنِيمَةَ لِلْمُجَاهِدِينَ، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ يُخْرَجُ مِنْهَا الْخُمُسُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[حَدِيث بَعَثَ رَسُول اللَّه سَرِيَّةً قِبَلَ نَجْدٍ فَغَنِمُوا إبِلًا كَثِيرَةً]
الْحَدِيثُ الرَّابِعُ وَعَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ فَغَنِمُوا إبِلًا كَثِيرَةً فَكَانَتْ سُهْمَانُهُمْ اثْنَا عَشَرَ بَعِيرًا أَوْ أَحَدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute