. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْكِفَايَةِ: قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ فِي كِتَابِ الْغَصْبِ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنْ كَانَ وُجُوبُهُ بِرِضَا الْمَالِكِ فَهُوَ عَلَى التَّرَاضِي وَيَتَعَيَّنُ أَدَاؤُهُ بِالْمُطَالَبَةِ أَوْ لِخَوْفٍ مِنْهُ عَلَى مَالِهِ أَنْ يَفُوتَ، وَإِنْ كَانَ وُجُوبُهُ بِغَيْرِ رِضَا الْمَالِكِ فَالْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهُ صَاحِبُهُ لَمْ يَرْضَ بِوُجُوبِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَيَحْتَمِلُ فِيمَا إذَا كَانَ وُجُوبُهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى التَّرَاخِي أَيْضًا إذَا كَانَ بِغَيْرِ تَعَدٍّ وَكَانَ الْمُسْتَحِقُّ عَالِمًا بِهِ. انْتَهَى.
وَيَنْبَغِي وُجُوبُ الْأَدَاءِ مِنْ غَيْرِ طَلَبٍ فِيمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ لِمَحْجُورٍ ذَكَرَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَقَالَ أَصْحَابُنَا فِي الْجَنَائِزِ: إنَّهُ تَجِبُ الْمُبَادَرَةُ إلَى وَفَاءِ دَيْنِ الْمَيِّتِ تَبْرِئَةً لِذِمَّتِهِ وَخَوْفًا مِنْ تَلَفِ مَالِهِ، وَقَدْ تَحْصُلُ مِنْ ذَلِكَ وُجُوبُ الْوَفَاءِ فِي صُوَرٍ.
(أَحَدُهَا) الْمُطَالَبَةُ الصَّرِيحَةُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا.
(الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ لِمَحْجُورٍ.
(الثَّالِثُ) أَنْ يَكُونَ عَلَى مَحْجُورٍ يَخْشَى تَلَفَ مَالِهِ.
(الرَّابِعُ) أَنْ يَكُونَ عَلَى مَيِّتٍ.
(الْخَامِسُ) أَنْ يَكُونَ وُجُوبُهُ بِغَيْرِ رِضَا مُسْتَحِقِّهِ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّيًا وَالْمُسْتَحِقُّ غَيْرُ عَالِمٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْأَدَاءِ إلَّا فِي صُورَةِ الْمُطَالَبَةِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْمَطْلِ يُشْعِرُ بِتَقَدُّمِ الطَّلَبِ.
وَأَمَّا الْوُجُوبُ فِي غَيْرِهَا إذَا قِيلَ بِهِ فَبِدَلِيلٍ آخَرَ.
[فَائِدَة الْمُمَاطِلَ فِي أَدَاءِ الدَّيْنِ] ١
(السَّادِسَةُ) اسْتَدَلَّ بِهِ سَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى أَنَّ الْمُمَاطِلَ فَاسِقٌ مَرْدُودُ الشَّهَادَةِ وَنَازَعَهُمَا غَيْرُهُمَا فِي ذَلِكَ، وَقَالُوا لَا يَلْزَمُ مِنْ تَسْمِيَتِهِ ظُلْمًا أَنْ يَكُونَ كَبِيرَةً فَإِنَّ الظُّلْمَ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَعْصِيَةٍ كَبُرَتْ أَوْ صَغُرَتْ فَلَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ حَتَّى يَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ وَيَصِيرَ عَادَةً لَهُ وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: مُقْتَضَى مَذْهَبِنَا اشْتِرَاطُ التَّكْرَارِ.
[فَائِدَة إلْزَامِ الْمَاطِلِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ]
(السَّابِعَةُ) يُسْتَدَلُّ بِتَسْمِيَةِ الْمَطْلِ ظُلْمًا عَلَى إلْزَامِ الْمَاطِلِ بِدَفْعِ الدَّيْنِ وَالتَّوَصُّلِ إلَى ذَلِكَ بِكُلِّ طَرِيقٍ مِنْ إكْرَاهِهِ عَلَى الْإِعْطَاءِ، وَأَخْذِهِ مِنْهُ قَهْرًا وَحَبْسِهِ وَمُلَازَمَتِهِ فَإِنَّ الْأَخْذَ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ وَاجِبٌ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَحَكَى شُرَيْحٌ وَالرُّويَانِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا وَجْهَيْنِ فِي تَقْيِيدِ الْمَحْبُوسِ إذَا كَانَ لَحُوحًا صَبُورًا عَلَى الْحَبْسِ.
[فَائِدَة الْمُعْسِرَ لَا تَجُوزُ مُطَالَبَتُهُ حَتَّى يُوسِرَ وَلَا يَجُوزُ حَبْسُهُ وَلَا مُلَازَمَتُهُ] ١
(الثَّامِنَةُ) اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُعْسِرَ لَا تَجُوزُ مُطَالَبَتُهُ حَتَّى يُوسِرَ وَلَا يَجُوزُ حَبْسُهُ وَلَا مُلَازَمَتُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَالْجُمْهُورِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ شُرَيْحٍ حَبْسُهُ حَتَّى يَقْضِيَ