وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْمِنْبَرِ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُخَفِّضُهُمْ حَتَّى سَكَتُوا وَسَكَتَ، قَالَتْ وَبَكَيْت يَوْمِي لَا يَرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ ثُمَّ بَكَيْت لَيْلَتِي الْمُقْبِلَةَ لَا يُرْقَأُ لِي دَمْعٌ وَلَا أَكْتَحِلُ بِنَوْمٍ، وَأَبَوَايَ يَظُنَّانِ أَنَّ الْبُكَاءَ فَالِقٌ كَبِدِي قَالَتْ فَبَيْنَا هُمَا جَالِسَانِ عِنْدِي وَأَنَا أَبْكِي اسْتَأْذَنَتْ عَلَيَّ امْرَأَةٌ مِنْ الْأَنْصَارِ فَأَذِنْت لَهَا فَجَلَسَتْ تَبْكِي مَعِي فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ قَالَتْ وَلَمْ يَجْلِسْ عِنْدِي مُنْذُ قِيلَ لِي مَا قِيلَ وَقَدْ لَبِثَ شَهْرًا لَا يُوحَى إلَيْهِ: فِي شَأْنِي شَيْءٌ، قَالَتْ فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ جَلَسَ ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ: يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْك كَذَا وَكَذَا، فَإِنْ كُنْت بَرِيئَةً فَسَيُبَرِّئُك اللَّهُ، وَإِنْ كُنْت أَلْمَمْت
ــ
[طرح التثريب]
وَالْأَرْبَعُونَ) : قَوْلُهَا «فَتَشَهَّدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ جَلَسَ:» فِيهِ ابْتِدَاءُ الْخُطَبِ وَالْكَلَامِ الْمُهِمِّ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ (التَّاسِعَةُ وَالْأَرْبَعُونَ) : قَوْلُهَا: «ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ: يَا عَائِشَةُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي عَنْك كَذَا وَكَذَا:» فِيهِ أَنَّ الْخَطِيبَ وَالْمُتَكَلِّمَ بِالْمُهِمِّ يَأْتِي بَعْدَ الْحَمْدِ وَالشَّهَادَتَيْنِ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ وَهِيَ أَمَّا بَعْدُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّمِّ وَأَصْلُهُ بَعْدُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْحَمْدِ وَالشَّهَادَتَيْنِ، فَإِنَّهُ إلَى آخِرِ الْكَلَامِ وَقَدْ كَثُرَ اسْتِعْمَالُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَجَمَعَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي ذَلِكَ أَوْرَاقًا وَقَوْلُهُ «كَذَا وَكَذَا:» هُوَ كِنَايَةٌ عَمَّا رُمِيَتْ بِهِ مِنْ الْإِفْك، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كَذَا وَكَذَا يُكَنَّى بِهِ عَنْ الْأَحْوَالِ كَمَا يُكَنَّى بِهِ عَنْ الْأَعْدَادِ.
[فَائِدَة التَّوْبَة وَالْحَثُّ عَلَيْهَا] ١
(الْخَمْسُونَ) : قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَإِنْ كُنْت أَلْمَمْت بِذَنْبٍ:» مَعْنَاهُ فَعَلْت ذَنْبًا وَلَيْسَ ذَلِكَ لَك بِعَادَةٍ، وَهَذَا أَصْلُ اللَّمَمِ وَهُوَ مِنْ الْإِلْمَامِ وَهُوَ النُّزُولُ النَّادِرُ غَيْرُ الْمُتَكَرِّرِ وَمِنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute