. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
لَمْ يَكُنْ يُشَاهِدُ مَا يَعْرِفُ بِهِ دُخُولَ الْوَقْتِ وَإِنَّمَا كَانَ يَعْتَمِدُ فِي ذَلِكَ عَلَى إخْبَارِ مَنْ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ وَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ» وَأَيْضًا فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَ بِالِاعْتِمَادِ عَلَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ مِنْ غَيْرِ مُشَاهَدَتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي اللَّيْلِ وَظُلْمَتِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يُمَيِّزَ صَوْتَ بِلَالٍ مِنْ صَوْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمًا غَيْرَ حُكْمِ الْآخَرِ، وَبِهَذَا قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلْفِ.
وَعَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ مَنْعُهُ لِاحْتِمَالِ الِاشْتِبَاهِ.
وَأَمَّا فِي بَابِ الشَّهَادَةِ فَالْأَكْثَرُ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ الِاعْتِمَادِ عَلَى الصَّوْتِ فِيهَا، وَبَابُ الشَّهَادَةِ أَضْيَقُ وَبِالِاحْتِيَاطِ أَجْدَرُ، وَمَنْ جَوَّزَ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ الْمُهَلَّبُ: فِيهِ جَوَازُ شَهَادَةِ الْأَعْمَى عَلَى الصَّوْتِ لِأَنَّهُ مَيَّزَ صَوْتَ مَنْ عَلَّمَهُ الْوَقْتَ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ فَقَامَ أَذَانُهُ عَلَى قَبُولِهِ مَقَامَ شَهَادَةِ الْمُخْبِرِ لَهُ انْتَهَى.
[فَائِدَةٌ جَوَازُ كَوْنِ الْمُؤَذِّنِ أَعْمَى] ١
(التَّاسِعَةُ) فِيهِ جَوَازُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ أَعْمَى فَإِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ أَعْمَى، وَهُوَ جَائِزٌ بِلَا كَرَاهَةٍ إذَا كَانَ مَعَهُ بَصِيرٌ كَمَا كَانَ بِلَالٌ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْأَعْمَى مُؤَذِّنًا وَحْدَهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ أَعْمَى قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهَذَا وَاَلَّذِي رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى أَعْمَى مُنْفَرِدٍ لَا يَكُونُ مَعَهُ بَصِيرٌ يُعْلِمُهُ الْوَقْتَ انْتَهَى.
وَبَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ أَذَانَ الْأَعْمَى إذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُخْبِرُهُ، وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ اخْتَلَفُوا فِي أَذَانِ الْأَعْمَى فَكَرِهَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَكَرِهَ ابْنُ عَبَّاسٍ إقَامَتَهُ وَأَجَازَهُ طَائِفَةٌ وَرُوِيَ أَنَّ مُؤَذِّنَ النَّخَعِيّ كَانَ أَعْمَى وَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَالْكُوفِيُّونَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ إذَا كَانَ لَهُ مَنْ يُعَرِّفُهُ الْوَقْتَ لِأَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ إنَّمَا كَانَ يُؤَذِّنُ بَعْدَ أَنْ يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْت أَصْبَحْت انْتَهَى.
(الْعَاشِرَةُ) فِيهِ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَهُ مُؤَذِّنَانِ بِالْمَدِينَةِ» وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ قَالَا «كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤَذِّنَانِ بِلَالٌ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةُ مُؤَذِّنِينَ بِلَالٌ وَأَبُو مَحْذُورَةَ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ» قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ الضُّبَعِيُّ وَالْخَبَرَانِ صَحِيحَانِ فَمَنْ قَالَ كَانَ: لَهُ مُؤَذِّنَانِ أَرَادَ اللَّذَيْنِ كَانَا يُؤَذِّنَانِ بِالْمَدِينَةِ، وَمَنْ قَالَ: ثَلَاثَةٌ أَرَادَ أَبَا مَحْذُورَةَ الَّذِي كَانَ يُؤَذِّنُ بِمَكَّةَ.
(قُلْت) وَكَانَ لَهُ مُؤَذِّنٌ رَابِعٌ وَهُوَ سَعْدُ الْقَرَظِ أَذَّنَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقُبَاءَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute