. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْمَهْجُورُ مُبْتَدِعًا أَوْ مُجَاهِرًا بِالظُّلْمِ وَالْفُسُوقِ فَلَا يَحْرُمُ مُهَاجَرَتُهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا هِجْرَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» فَمَحَلُّهُ مَا إذَا كَانَ الْهِجْرَانُ لِحُظُوظِ النَّفْسِ وَتَعَنُّتَاتِ أَهْلِ الدُّنْيَا. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ هَذَا فِي الْهِجْرَانِ لِغَيْرِ عُذْرٍ شَرْعِيٍّ فَإِنْ كَانَ عُذْرٌ بِأَنْ كَانَ الْمَهْجُورُ مَذْمُومَ الْحَالِ لِبِدْعَةٍ أَوْ فِسْقٍ أَوْ نَحْوِهِمَا أَوْ كَانَ فِيهِ صَلَاحٌ لِدِينِ الْهَاجِرِ أَوْ الْمَهْجُورِ فَلَا يَحْرُمُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ مَا ثَبَتَ مِنْ «هَجْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ وَصَاحِبَيْهِ وَنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الصَّحَابَةَ عَنْ كَلَامِهِمْ» ، وَكَذَا مَا جَاءَ مِنْ هِجْرَانِ السَّلَفِ بَعْضَهُمْ بَعْضًا انْتَهَى.
[فَائِدَة الْقَسْم عَلَى ترك الْأَزْوَاج شَهْرًا] ١
(الْخَامِسَةُ) فِيهِ مَنْقَبَةٌ لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لِبَدَائِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالدُّخُولِ عَلَيْهَا قَبْلَ بَقِيَّةِ زَوْجَاتِهِ.
(السَّادِسَةُ) هَذَا الْحَدِيثُ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَقْسَمَ عَلَى تَرْكِ الدُّخُولِ عَلَى أَزْوَاجِهِ شَهْرًا بِعَيْنِهِ بِالْهِلَالِ وَجَاءَهُ ذَلِكَ الشَّهْرُ نَاقِصًا فَلَوْ تَمَّ ذَلِكَ الشَّهْرُ وَلَمْ يَرَ الْهِلَالَ فِيهِ لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ لَمَكَثَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَمَّا لَوْ أَقْسَمَ عَلَى تَرْكِ الدُّخُولِ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مُطْلَقًا لَمْ يَنْطَبِقْ الْحَلِفُ فِيهِ عَلَى أَوَّلِ الْهِلَالِ لَمْ يَبَرَّ إلَّا بِشَهْرٍ تَامٍّ بِالْعَدَدِ، هَذَا هُوَ الَّذِي نَعْرِفُهُ لِأَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ فَإِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ يَقُولُ بِالِاكْتِفَاءِ بِتِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ فَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ لَهُ (فَإِنْ قُلْت) إذَا كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ شَهْرًا بِعَيْنِهِ بِالْهِلَالِ، وَقَدْ رُئِيَ لِتَمَامِ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا فَمَا وَجْهُ السُّؤَالِ عَنْهُ، وَقَدْ كَمُلَ الشَّهْرُ بِالرُّؤْيَةِ؟ (قُلْت) يَحْتَمِلُ أَوْجُهًا.
(أَحَدُهَا) أَنَّ السَّائِلَ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ شَهْرٌ يُعَيِّنُهُ بِالْهِلَالِ بَلْ ظَنَّ أَنَّهُ شَهْرٌ عَدَدِيٌّ فَبَنَى عَلَى ذَلِكَ سُؤَالَهُ.
(ثَانِيهَا) لَعَلَّ السَّائِلَ لَمْ يَعْلَمْ قَبْلَ ذَلِكَ الْحُكْمَ الشَّرْعِيَّ وَهُوَ أَنَّ الشَّهْرَ الْمُعْتَبَرَ بِعَيْنِهِ بِالْهِلَالِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَدَدُ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْهِلَالُ حَتَّى بَيَّنَهُ لَهُ الشَّارِعُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
(ثَالِثُهَا) يُحْتَمَلُ أَنَّ السَّائِلَ عَرَفَ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ شَهْرٌ بِعَيْنِهِ بِالْهِلَالِ وَعَرَفَ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الْهِلَالُ دُونَ الْعَدَدِ وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا رَأَوْا الْهِلَالَ لِمَانِعٍ مِنْ غَيْمٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لَمْ يَنْتَصِبُوا لِرُؤْيَتِهِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ رَمَضَانَ وَلَا شَعْبَانَ وَعَلِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْغَيْبِ انْقِضَاءَ الشَّهْرِ بِوَحْيٍ فَأَخْبَرَ بِهِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ النَّسَائِيّ «أَتَانِي جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ: الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ» .
(السَّابِعَةُ) قَوْلُهُ (إنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرِينَ) كَذَا فِي أَصْلِنَا وَعِشْرِينَ وَكَأَنَّهُ خَبَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute