. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
ذَلِكَ سَبَبًا لِانْتِكَاسِ الْأَمْرِ عَلَيْهِ فَلَا يُهْمِلُ خَدِيعَةَ غَرِيمِهِ فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَخْدَعْهُ خَدَعَهُ هُوَ قَالَ النَّوَوِيُّ، وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ خِدَاعِ الْكُفَّارِ فِي الْحَرْبِ كَيْفَ أَمْكَنَ الْخِدَاعُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ نَقْضُ عَهْدٍ أَوْ أَمَانٍ فَلَا يَحِلُّ انْتَهَى.
وَالْحِكْمَةُ فِي الْإِتْيَانِ بِالتَّاءِ الدَّالَّةِ عَلَى الْوَحْدَةِ، فَإِنْ كَانَ الْخِدَاعُ مِنْ جِهَةِ الْمُسْلِمِينَ فَكَأَنَّهُ حَضَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَإِنْ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْكُفَّارِ فَمَعْنَاهُ التَّحْذِيرُ مِنْ خِدَاعِهِمْ، وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مَرَّةً وَاحِدَةً فَإِنَّهُ قَدْ يَنْشَأُ عَنْ تِلْكَ الْمَرَّةِ الْهَزِيمَةُ، وَلَوْ حَصَلَ الظَّفَرُ قَبْلَهَا أَلْفَ مَرَّةٍ فَلَا يَنْبَغِي التَّهَاوُنُ بِذَلِكَ لِمَا يَنْشَأُ عَنْهُ مِنْ الْمَفْسَدَةِ، وَلَوْ قَلَّ الْخِدَاعُ مِنْ الْعَدُوِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة الرُّخْصَةِ فِي الْكَذِبِ وَالْخَدِيعَةِ فِي الْحَرْبِ] ١
{الرَّابِعَةُ} بَوَّبَ عَلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ بَابَ مَا جَاءَ فِي الرُّخْصَةِ فِي الْكَذِبِ وَالْخَدِيعَةِ فِي الْحَرْبِ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ الْكَذِبِ، فَإِنْ أُرِيدَ الْمَعَارِيضُ وَالتَّوْرِيَةُ فَلَا تَخْلُو الْخَدِيعَةُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ أُرِيدَ الْكَذِبُ الصَّرِيحُ فَقَدْ تَخْلُو الْخَدِيعَةُ عَنْهُ فَمِنْ الْمَعَارِيضِ مَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى بِغَيْرِهَا، وَكَانَ يَقُولُ الْحَرْبُ خُدْعَةٌ» ، وَمَا فِي سُنَنِ النَّسَائِيّ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَمِعْت عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ يَقُولُ فِي شَيْءٍ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ (قُلْت) هَذَا شَيْءٌ سَمِعْته، فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَرْبُ خُدْعَةٌ» ، وَقَدْ وَرَدَ التَّرْخِيصُ فِي الْكَذِبِ فِي الْحَرْبِ، رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ الْخَمْسَةُ مِنْ حَدِيثِ حُمَيْدٍ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ أُمِّهِ أُمِّ كُلْثُومٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[أَنَّهُ] قَالَ «لَيْسَ بِالْكَاذِبِ مَنْ أَصْلَحَ بَيْنَ النَّاسِ» الْحَدِيثَ وَفِيهِ وَلَمْ أَسْمَعْهُ يُرَخِّصُ فِي شَيْءٍ مِمَّا يَقُولُ النَّاسُ إنَّهُ كَذِبٌ إلَّا فِي ثَلَاثٍ فِي الْحَرْبِ وَالْإِصْلَاحِ الْحَدِيثُ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ الْكَذِبُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ تَحْدِثَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ لِيُرْضِيَهَا، وَالْكَذِبُ فِي الْحَرْبِ، وَالْكَذِبُ لِيُصْلِحَ بَيْنَ النَّاسِ» ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ إنَّمَا يَجُوزُ مِنْ الْكَذِبِ فِي الْحَرْبِ الْمَعَارِيضُ دُونَ حَقِيقَةِ الْكَذِبِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ الظَّاهِرُ إبَاحَةُ حَقِيقَةُ نَفْسِ الْكَذِبِ لَكِنَّ الِاقْتِصَارَ عَلَى التَّعْرِيضِ أَفْضَلُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة اسْتِعْمَالِ الرَّأْيِ فِي الْحُرُوبِ]
{الْخَامِسَةُ} فِيهِ الْإِشَارَةُ إلَى اسْتِعْمَالِ الرَّأْيِ فِي الْحُرُوبِ، وَلَا شَكَّ فِي احْتِيَاجِ الْمُحَارِبِ إلَى الرَّأْيِ وَالشَّجَاعَةِ، وَإِنَّ احْتِيَاجَهُ إلَى الرَّأْيِ أَشَدُّ مِنْ احْتِيَاجِهِ إلَى الشَّجَاعَةِ، وَلِهَذَا اقْتَصَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُنَا عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute