. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
مِرَارًا ثُمَّ صَارَ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُؤَذِّنًا بِالْمَدِينَةِ لَمَّا تَرَكَ بِلَالٌ الْأَذَانَ، وَأَذَّنَ لَهُ زِيَادُ بْنُ الْحَارِثِ الصُّدَائِيُّ أَيْضًا، وَقَالَ «إنَّ أَخَا صُدَاءَ أَذَّنَ، وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَاتِبًا وَلِهَذَا عُدَّ مُؤَذِّنُو النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَرْبَعَةً قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأُحِبُّ أَنْ أَقْتَصِرَ فِي الْمُؤَذِّنِينَ عَلَى اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّا إنَّمَا حَفِظْنَا أَنَّهُ أَذَّنَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اثْنَانِ وَلَا نُضَيِّقُ إنْ أَذَّنَ أَكْثَرُ مِنْ اثْنَيْنِ وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ فِي جَوَازِ أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ بِقِصَّةِ عُثْمَانَ فَقَالَ: وَمَعْرُوفٌ أَنَّهُ زَادَ فِي عَدَدِ الْمُؤَذِّنِينَ فَجَعَلَهُ ثَلَاثَةً وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ وَالرَّافِعِيُّ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَلَّا يُزَادَ عَلَى أَرْبَعَةِ مُؤَذِّنِينَ وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَصْحَابِنَا لَكِنَّهُ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ أَنْكَرَهُ كَثِيرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا.
وَقَالُوا
إنَّمَا الضَّبْطُ بِالْحَاجَةِ وَرُؤْيَةِ الْمَصْلَحَةِ
فَإِنْ رَأَى الْإِمَامُ الْمَصْلَحَةَ فِي الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ فَعَلَهُ، وَإِنْ رَأَى الِاقْتِصَارَ عَلَى اثْنَيْنِ لَمْ يَزِدْ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ الْمَنْصُوصُ قَالَ أَصْحَابُنَا: وَإِذَا كَانَ لِلْمَسْجِدِ مُؤَذِّنَانِ فَأَكْثَرُ فَإِنْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ تَرَتَّبُوا فِي الْأَذَانِ فَإِنْ تَنَازَعُوا فِي الِابْتِدَاءِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ ضَاقَ الْوَقْتُ فَإِنْ كَانَ الْمَسْجِدُ كَبِيرًا أَذَّنُوا مُتَفَرِّقِينَ فِي أَقْطَارِهِ وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا وَقَفُوا مَعًا وَأَذَّنُوا وَهَذَا إذَا لَمْ يُؤَدِّ اخْتِلَافُ الْأَصْوَاتِ إلَى تَشْوِيشٍ فَإِنْ أَدَّى لَمْ يُؤَذِّنْ إلَّا وَاحِدٌ فَإِنْ تَنَازَعُوا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ.
وَأَمَّا الْإِقَامَةُ فَإِنْ أَذَّنُوا عَلَى التَّرْتِيبِ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى بِهَا إنْ كَانَ هُوَ الْمُؤَذِّنَ الرَّاتِبَ أَوْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُؤَذِّنٌ رَاتِبٌ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ غَيْرَ الرَّاتِبِ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا أَنَّ الرَّاتِبَ أَوْلَى.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى وَلَوْ أَقَامَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ غَيْرُ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ الْإِقَامَةِ اُعْتُدَّ بِهِ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَعْرُوفِ، وَفِي وَجْهٍ ضَعِيفٍ لَا يُعْتَدُّ بِالْإِقَامَةِ مِنْ غَيْرِ السَّابِقِ بِالْأَذَانِ تَخْرِيجًا مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَجُوزُ أَنْ يَخْطُبَ وَاحِدٌ وَيُصَلِّيَ آخَرُ.
أَمَّا إذَا أَذَّنُوا مَعًا فَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى إقَامَةِ وَاحِدٍ وَإِلَّا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ وَلَا يُقِيمُ فِي الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ إلَّا وَاحِدٌ إلَّا إذَا لَمْ تَحْصُلْ الْكِفَايَةُ بِوَاحِدٍ وَقِيلَ لَا بَأْسَ أَنْ يُقِيمُوا مَعًا إذَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى التَّشْوِيشِ.
[فَائِدَةٌ تَقْلِيدِ الْأَعْمَى لِلْبَصِيرِ فِي مَعْرِفَةِ الْوَقْتِ أَوْ جَوَازِ اجْتِهَادِهِ فِي ذَلِكَ] ١
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ تَقْلِيدِ الْأَعْمَى لِلْبَصِيرِ فِي مَعْرِفَةِ الْوَقْتِ أَوْ جَوَازِ اجْتِهَادِهِ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ أَعْمَى وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ طُلُوعَ الْفَجْرِ إلَّا بِأَحَدِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ وَمِمَّا يُرَجِّحُ أَنَّهُ كَانَ يُقَلِّدُ قَوْلَهُ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute