. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَالْخَيْرُ بِيَدَيْك أَيْ فِي قَبْضَتِك وَمُلْكِك وَهُوَ مِنْ بَابِ إصْلَاحِ الْمُخَاطَبَةِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء: ٨٠] .
(التَّاسِعَةُ) الرَّغْبَاءُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ فَتْحُ الرَّاءِ وَالْمَدُّ وَهُوَ أَشْهَرُهَا وَضَمُّ الرَّاءِ مَعَ الْقَصْرِ وَهُوَ مَشْهُورٌ أَيْضًا وَفَتْحُ الرَّاءِ مَعَ الْقَصْرِ وَهُوَ غَرِيبٌ حَكَاهُ أَبُو عَلِيٍّ الْجُبَّائِيُّ وَغَيْرُهُ وَنَظِيرُ الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ الْعَلْيَاءُ وَالْعُلْيَا وَالنَّعْمَاءُ وَالنُّعْمَى وَمَعْنَى اللَّفْظَةِ الطَّلَبُ وَالْمَسْأَلَةُ أَيْ إنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمَطْلُوبُ الْمَسْئُولُ مِنْهُ فَبِيَدِهِ جَمِيعُ الْأُمُورِ قَالَ شِمْرٌ رُغُبُ النَّفْسِ سَعَةُ الْأَمَلِ وَطَلَبُ الْكَثِيرِ.
(الْعَاشِرَةُ) قَوْلُهُ وَالْعَمَلُ أَيْ إنَّ الْعَمَلَ كُلَّهُ لِلَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ وَحْدَهُ وَفِيهِ حَذْفٌ يَحْتَمِلُ أَنَّ تَقْرِيرَهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ أَيْ وَالْعَمَلُ إلَيْك أَيْ إلَيْك الْقَصْدُ بِهِ وَالِانْتِهَاءُ بِهِ إلَيْك لِتُجَازِي عَلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ تَقْرِيرَهُ وَالْعَمَلُ لَك
[فَائِدَةٌ حُكْمِ التَّلْبِيَةِ] ١
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ بَيَانُ حُكْمِ التَّلْبِيَةِ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي ذَلِكَ عَلَى أَقْوَالٍ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّهَا سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ يَصِحَّانِ بِدُونِهَا وَلَا إثْمَ عَلَى تَارِكِهَا وَلَا دَمَ نَاسِيًا كَانَ أَوْ مُتَعَمِّدًا وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ أَجِدْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَصًّا عَنْ الشَّافِعِيِّ وَأُصُولُهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّلْبِيَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَرْكَانِ الْحَجِّ عِنْدَهُ ثُمَّ قَالَ وَذَكَرَ ابْنُ خواز بنداد عَنْ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّ التَّلْبِيَةَ إنْ فَعَلَهَا فَحَسَنٌ وَإِنْ تَرَكَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
(الثَّانِي) أَنَّهَا وَاجِبَةٌ وَيَجِبُ بِتَرْكِهَا الدَّمُ وَهُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ ابْنِ خَيْرَانَ وَابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَنَّهُمَا زَعَمَا أَنَّهُمَا وَجَدَا لِلشَّافِعِيِّ نَصًّا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ لَيْسَ يُعْرَفُ لَهُ نَصٌّ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَحَكَاهُ ابْنُ قُدَامَةَ عَنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَذْكُرْ التَّلْبِيَةَ حَتَّى خَرَجَ مِنْ حَجِّهِ رَأَيْتُ أَنْ يُهْرِقَ دَمًا قَالَ إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ وَهَذَا بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ عَلَى أَنَّ الْإِهْلَالَ لِلْإِحْرَامِ لَيْسَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ التَّكْبِيرِ لِلدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ.
وَاسْتَدَلَّ صَاحِبُ الْإِمَامِ لِمَنْ قَالَ بِالْوُجُوبِ بِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدِ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ مِنْ «حَدِيثِ زَيْنَبَ بِنْتَ جَابِرٍ الْأَحْمَسِيَّةِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا فِي امْرَأَةٍ حَجَّتْ مَعَهَا مُصْمَتَةً قُولِي لَهَا تَتَكَلَّمُ فَإِنَّهُ لَا حَجَّ لِمَنْ لَا يَتَكَلَّمُ» .
وَفِي الِاسْتِدْلَالِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ بِالتَّلْبِيَةِ لَا سِيَّمَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ أَنَّمَا صَمَتَتْ عَنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ وَخِطَابِهِمْ لَا عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَالتَّلْبِيَةُ