للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

مَعْقُولُ الْمَعْنَى؟ فَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَمَّنْ ذَهَبَ إلَى نَجَاسَةِ الْكَلْبِ أَنَّ الْعَدَدَ فِي الْغَسَلَاتِ تَعَبُّدٌ وَفِي كَلَامِ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَبُّدٌ وَأَنَّ أَصْلَ الْغَسْلِ مَعْقُولُ الْمَعْنَى، وَهُوَ النَّجَاسَةُ قَالَ: وَإِذَا كَانَ أَصْلُ الْمَعْنَى مَعْقُولًا قُلْنَا بِهِ، وَإِذَا وَقَعَ فِي التَّفَاصِيلِ مَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ فِي التَّفْصِيلِ لَمْ يُنْقَضْ لِأَجَلِهِ التَّأْصِيلُ وَلِذَلِكَ نَظَائِرُ فِي الشَّرِيعَةِ قَالَ: وَلَوْ لَمْ تَظْهَرْ زِيَادَةُ التَّغْلِيظِ فِي النَّجَاسَةِ لَكِنَّا نَقْتَصِرُ فِي التَّعَبُّدِ عَلَى الْعَدَدِ وَنَكْتَفِي فِي أَصْلِ الْمَعْنَى عَلَى مَعْقُولِيَّةِ الْمَعْنَى انْتَهَى.

وَكَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ إنَّهُ تَعَبُّدٌ كَمَا سَيَأْتِي نَقْلُ كَلَامِهِ بَعْدَ هَذَا فِي الْفَائِدَةِ الثَّانِيَةَ عَشَرَ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ.

وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَرَ نَجَاسَةَ الْكَلْبِ، فَإِنَّ بَعْضَهُمْ تَكَلَّفَ وَحَمَلَ هَذَا الْعَدَدَ عَلَى الْمَعْنَى الطِّبِّيِّ، وَأَنَّ الْعِلَّةَ فِيهِ مَا يُخَافُ مِنْ كَوْنِ الْكَلْبِ كَلْبًا وَذَكَرَ أَنَّ هَذَا الْعَدَدَ، وَهُوَ السَّبْعُ قَدْ جَاءَ فِي مَوَاضِعَ مِنْ الشَّرْعِ عَلَى جِهَةِ الطِّبِّ، وَالتَّدَاوِي كَمَا قَالَ مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ بِسَبْعِ تَمَرَاتٍ مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سُمٌّ وَكَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَرَضِهِ «هَرِيقُوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ» وَنَحْوِ هَذَا.

وَقَدْ عَزَاهُ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ وَغَيْرُهُ إلَى أَبِي الْوَلِيدِ بْنِ رُشْدٍ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ، وَفِي هَذَا مِنْ التَّعَسُّفِ، وَالرَّجْمِ بِالظَّنِّ مَا لَا يَخْفَى، وَقَدْ رُدَّ هَذَا عَلَى قَائِلِهِ بِجَوَابٍ طِبِّيٍّ أَيْضًا، وَهُوَ أَنَّ الْكَلْبَ الْكَلِبَ لَا يَقْرَبُ الْمَاءَ كَمَا هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي كُتُبِ الطِّبِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَجَابَ حَفِيدُهُ عَنْ هَذَا أَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ الْمَاءِ إنَّمَا هُوَ فِي حَالَةِ تَمَكُّنِ الدَّاءِ مِنْهُ فَأَمَّا فِي مَبَادِئِهِ فَيَقْرَبُ الْمَاءَ وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ الْعِلَّةَ فِي التَّسْبِيعِ كَوْنَهُ نَهْيًا عَنْ اتِّخَاذِهِ وَلَا مَعْنَى لَهُ وَأَيُّ مَعْنًى مُنَاسِبٌ بَيْنَ كَوْنِهِ سَبْعًا أَوْ ثَلَاثًا؟ نَعَمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ النَّهْيُ عَنْ اقْتِنَائِهِ مُقْتَضِيًا لِزِيَادَةِ الْعَدَدِ لِلتَّنْفِيرِ عَنْهُ أَمَّا كَوْنُهُ سَبْعًا فَلَا يَظْهَرُ لَهُ وَجْهُ مُنَاسَبَةٍ.

[فَائِدَةٌ الْغَسْلُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ عَلَى الْفَوْرِ]

{الْعَاشِرَةُ} اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ الْغَسْلُ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي الْفَوْرِيَّةَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي وُجُوبِ إرَاقَةِ الْإِنَاءِ الَّذِي وَلَغَ فِيهِ الْكَلْبُ عَلَى الْفَوْرِ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ الْفَوْرِيَّةَ مُسْتَحَبَّةٌ، فَإِنْ أَرَادَ اسْتِعْمَالَ الْإِنَاءِ وَجَبَتْ الْإِرَاقَةُ.

[فَائِدَةٌ هَلْ تَتَعَدَّدُ الْغَسَلَاتُ الْوَاجِبَةُ فِي وُلُوغِ الْكَلْبِ بِتَعَدُّدِ الْوَلَغَاتِ] ١

{الْحَادِيَةَ عَشَرَ} هَلْ تَتَعَدَّدُ الْغَسَلَاتُ الْوَاجِبَةُ فِي وُلُوغِ الْكَلْبِ بِتَعَدُّدِ الْوَلَغَاتِ مِنْ كَلْبٍ وَاحِدٍ أَوْ كَلْبَيْنِ فَأَكْثَرَ؟ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَكْفِي لِلْجَمِيعِ سَبْعٌ وَقِيلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>