. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ عَنْ مُخَالَفَةِ النَّصِّ فَعَمَلُهُ بِخِلَافِ مَا رَوَاهُ دَالٌّ عِنْدَهُمْ عَلَى النَّسْخِ وَخَالَفَهُمْ الْجُمْهُورُ مِنْ الْفُقَهَاءِ، وَالْأُصُولِيِّينَ فَقَالُوا: الْعِبْرَةُ بِمَا رُوِيَ إذْ لَا حُجَّةَ فِي الْمَوْقُوفِ مَعَ صِحَّةِ الْمَرْفُوعِ وَلَا يَقْدَحُ ذَلِكَ فِيهِ، لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ نَسِيَ مَا رَوَى فَأَفْتَى بِخِلَافِهِ وَلَا يَثْبُتُ النَّسْخُ بِمُجَرَّدِ الِاحْتِمَالِ.
وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ أَنَّهُ يُغْسَلُ بِلَا حَدٍّ وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ فِي بَعْضِ طُرُق حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا فِي الْكَلْبِ يَلَغُ فِي الْإِنَاءِ يَغْسِلُهُ ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا قَالُوا: فَلَوْ كَانَ التَّسْبِيعُ وَاجِبًا لَمْ يُخَيَّرْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْخَمْسِ، وَالثَّلَاثِ، وَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الضَّحَّاكِ أَحَدِ الضُّعَفَاءِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ وَرِوَايَةُ إسْمَاعِيلَ عَنْ الْحِجَازِيِّينَ ضَعِيفَةٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ.
وَأَجَابَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةِ الْأَمْرِ بِقَتْلِ الْكِلَابِ فَلَمَّا نَهَى عَنْ قَتْلِهَا نُسِخَ ذَلِكَ، وَهُوَ مَرْدُودٌ، فَإِنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِالْحَدْسِ، وَالرَّأْيِ بَلْ ظَاهِرُ سِيَاقِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَمْرُهُ بِالتَّسْبِيعِ مِنْ وُلُوغِهَا بَعْدَ النَّهْيِ عَنْ قَتْلِهَا، فَإِنَّهُ قَالَ فِيهِ: «أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَتْلِ الْكِلَابِ، ثُمَّ قَالَ مَا بَالُهُمْ وَبَالُ الْكِلَابِ؟ ثُمَّ رَخَّصَ فِي كَلْبِ الصَّيْدِ، وَالْغَنَمِ وَقَالَ: إذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلُوهُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَعَفِّرُوهُ الثَّامِنَةَ بِالتُّرَابِ» وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالتَّسْبِيعِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْضًا إذْ الْأَمْرُ حَقِيقَةٌ فِي الْوُجُوبِ حَتَّى يَصْرِفَ عَنْ الْوُجُوبِ صَارِفٌ وَذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْفُقَهَاءِ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إلَى وُجُوبِ التَّسْبِيعِ مِنْ وُلُوغِ الْكَلْبِ قَالَ: وَمِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ بِالطُّرُقِ الصِّحَاحِ أَبُو هُرَيْرَةَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ وَطَاوُسٌ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَدَاوُد، وَالطَّبَرِيُّ.
١ -
{الثَّامِنَةُ} احْتَجَّ بِهِ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ التَّتْرِيبُ فِي الْغَسْلِ مِنْ الْوُلُوغِ إذْ لَمْ يَذْكُرْهُ مَالِكٌ فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ وَلَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ فَقَدْ حَفِظَهُ غَيْرُهُ مِنْ الثِّقَاتِ وَلَيْسَ مَنْ لَمْ يَحْفَظْ حُجَّةً عَلَى مَنْ حَفِظَ وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي يَلِيهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
{التَّاسِعَةُ} اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَسْبِيعِ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ هَلْ هُوَ تَعَبُّدٌ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute