وَعَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ فَنَادَاهُ رَبُّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُك عَمَّا تَرَى؟ قَالَ بَلَى يَا رَبِّ وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ..
ــ
[طرح التثريب]
أُمُورٌ:
(أَحَدُهَا) بَقَاءُ هَذَا الْأَثَرِ فِي الْحَجَرِ عَلَى طُولِ الزَّمَانِ فَيُتَذَكَّرُ بِهِ هَذِهِ الْوَاقِعَةُ وَيُعْلَمُ بِهِ فَضْلُ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَبَرَاءَتُهُ مِمَّا اخْتَلَقُوا عَلَيْهِ.
(ثَانِيهَا) أَنَّهُ حَصَلَ عِنْدَ السَّيِّدِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ حِدَّةٌ فَلَوْلَا تَأَثُّرُ الْحَجَرِ بِضَرْبِهِ وَظُهُورِ أَثَرِهِ فِيهِ لَزَادَتْ حِدَّةُ السَّيِّدِ مُوسَى مِنْ عَدَمِ حُصُولِ مَقْصُودِهِ وَهَذَا كَتَشْبِيهِ مَنْ يُحَاوِلُ أَمْرًا وَلَا يَصِلُ إلَيْهِ بِالضَّارِبِ فِي حَدِيدٍ بَارِدٍ فَلَوْلَا تَأَثُّرُ الْحَجَرِ بِالضَّرْبِ لَكَانَ الضَّرْبُ فِيهِ كَالضَّرْبِ فِي حَدِيدٍ بَارِدٍ.
(ثَالِثُهَا) أَنَّهُ لَوْلَا تَأَثُّرُ الْحَجَرِ بِالضَّرْبِ وَبَقَاءُ النَّدَبِ فِيهِ لَعَدَّ أَهْلُ السَّفَاهَةِ وَالْجَهْلِ وَالْعُتُوِّ وَالِاخْتِلَاقِ هَذَا عَبَثًا فَكَانَ يَحْصُلُ لِمُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِذَلِكَ أَذًى زَايِدٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَالْقَصْدُ رَفْعُ الْأَذَى عَنْهُ لَا جَلْبُهُ إلَيْهِ وَإِقْسَامُ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى ذَلِكَ تَأْكِيدٌ لِلْأَمْرِ وَتَقْوِيَةٌ لَهُ وَمُسْتَنَدُهُ فِيهِ خَبَرُ الصَّادِقِ وَإِنْ لَمْ يُعَايِنْهُ فَهُوَ أَقْوَى مِنْ الْمُعَايَنَةِ فَإِنَّهُ لَا يُخْطِئُ وَالْمُعَايَنَةُ قَدْ تُخْطِئُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
١ -
(الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ فِيهِ إجْرَاءُ خُلْقِ الْإِنْسَانِ عِنْدَ الضَّجِرِ عَلَى مَنْ يَعْقِلُ وَمَنْ لَا يَعْقِلُ كَمَا جَرَى مِنْ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي ضَرْبِهِ الْحَجَرَ وَإِنْ كَانَ الْحَجَرُ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ فِيهِ قُوَّةَ مَشْيٍ فَلِذَلِكَ ضَرَبَهُ لِأَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ أَنْ يَمْشِيَ بِثَوْبِهِ أَمْكَنَ أَنْ يَخْشَى الضَّرْبَ أَلَا تَرَى قَوْلَ أَبِي هُرَيْرَةَ «وَاَللَّهِ إنَّهُ لَنَدَبٌ بِالْحَجَرِ» يَعْنِي آثَارُ ضَرْبِ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَقِيَتْ فِي الْحَجَرِ آيَةً لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
[حَدِيث بَيْنَمَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا خَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ]
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute