للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ بِلَفْظِ «إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَضَ عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ فَأَسْرَعُوا فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَهِمُوا بَيْنَهُمْ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ» .

ــ

[طرح التثريب]

فِيهِ) فَوَائِدُ:

(الْأُولَى) : رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَسَلَمَةَ بْنِ شُعَيْبٍ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِلَفْظِ «أَوْ اسْتَحَبَّاهَا:» وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ نَصْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِلَفْظِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَرَضَ عَلَى قَوْمٍ الْيَمِينَ فَأَسْرَعُوا فَأَمَرَ أَنْ يُسْهِمَ عَنْهُمْ فِي الْيَمِينِ أَيُّهُمْ يَحْلِفُ» .

(الثَّانِيَةُ) : قَوْلُهُ «إذَا أُكْرِهَ الِاثْنَانِ عَلَى الْيَمِينِ وَاسْتَحَبَّاهَا:» كَذَا وَقَعَ فِي أَصْلِنَا بِالْوَاوِ وَالظَّاهِرُ إنْ صَحَّ ذَلِكَ أَنَّهَا بِمَعْنَى أَوْ كَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الْإِكْرَاهَ الْحَقِيقِيَّ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُكْرَهُ عَلَى الْيَمِينِ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ إذَا تَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى اثْنَيْنِ وَأَرَادَا الْحَلِفَ سَوَاءٌ كَانَا غَيْرَ مُخْتَارَيْنِ كَذَلِكَ بِقَلْبِهِمَا، وَهُوَ مَعْنَى الْإِكْرَاهِ أَوْ غَيْرَ مُخْتَارَيْنِ لِذَلِكَ بِقَلْبِهِمَا، وَهُوَ مَعْنَى اسْتِحْبَابِ ذَلِكَ وَتَنَازَعَا فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يُقَدَّمُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِالتَّشَهِّي بَلْ بِالْقُرْعَةِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالِاسْتِهَامِ يُقَالُ اسْتَهَمُوا أَيْ اقْتَرَعُوا.

[فَائِدَة تَنَازَعَ اثْنَانِ عَيْنًا لَيْسَتْ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا] ١

(الثَّالِثَةُ) : حَمَلَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى مَا إذَا تَنَازَعَ اثْنَانِ عَيْنًا لَيْسَتْ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيُقِرُّ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُمَا، فَيُقْرَعُ بَيْنَهُمَا فَمَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ حَلَفَ وَأَخَذَهَا وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِمْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ «رَجُلَيْنِ اخْتَصَمَا فِي مَتَاعٍ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَهِمَا عَلَى الْيَمِينِ مَا كَانَ، أَحَبَّا ذَلِكَ أَوْ كَرِهَا» قَالَ الْخَطَّابِيُّ مَعْنَى الِاسْتِهَامِ هُنَا الِاقْتِرَاعُ يُرِيدُ أَنَّهُمَا يَقْتَرِعَانِ فَأَيُّهُمَا خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ حَلَفَ وَأَخَذَ مَا ادَّعَاهُ وَرُوِيَ مَا يُشْبِهُ هَذَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ حَنَشُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ أُوتِيَ عَلِيٌّ بِبَغْلٍ وُجِدَ فِي السُّوقِ يُبَاعُ فَقَالَ رَجُلٌ هَذَا بَغْلِي لَمْ أَبِعْهُ وَلَمْ أَهَبْهُ قَالَ وَنَزَعَ مَا قَالَ بِخَمْسَةٍ يَشْهَدُونَ قَالَ وَجَاءَ آخَرُ يَدَّعِيهِ فَزَعَمَ أَنَّهُ بَغْلُهُ وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ قَالَ فَقَالَ عَلِيٌّ إنَّ فِيهِ قَضَاءً وَصُلْحًا وَسَوْفَ أُبَيِّنُ لَكُمْ ذَلِكَ كُلَّهُ أَمَّا صُلْحُهُ أَنْ يُبَاعَ الْبَغْلُ فَيُقْسَمُ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ لِهَذَا خَمْسَةٌ وَلِهَذَا اثْنَانِ، وَإِنْ لَمْ يَصْطَلِحُوا إلَّا الْقَضَاءَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>