. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْمُنْذِرِ وَالْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِنُسُكٍ أَحَدٌ غَيْرُ الشَّافِعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ، وَلَكِنْ حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ عَنْ عَطَاءٍ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَبِي يُوسُفَ أَيْضًا (قُلْت) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ حَكَاهَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُحَرَّرِ.
[فَائِدَةٌ الْحَلْق فِي الْحَجّ هَلْ هُوَ رُكْن أَوْ وَاجِب] ١
{السَّابِعَةُ} الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ نُسُكٌ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ رُكْنٌ فِي الْحَجِّ لَا يَتِمُّ إلَّا بِفِعْلِهِ وَلَا يُجْبَرُ بِدَمٍ أَوْ وَاجِبٌ فَذَهَبَ إلَى الْأَوَّلِ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ إنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ الصَّوَابُ وَذَهَبَ الدَّارَكِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ إلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ.
وَذَهَبَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ وَجَمَاعَةٌ إلَى أَنَّهُ رُكْنٌ فِي الْعُمْرَةِ وَاجِبٌ فِي الْحَجِّ وَاسْتَدَلَّ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَلَى أَنَّهُ رُكْنٌ مُطْلَقًا بِأَنَّهُ لَا تَقُومُ الْفِدْيَةُ مَقَامَهُ حَتَّى لَوْ عَرَضَ فِي الرَّأْسِ عِلَّةٌ تَمْنَعُ الْحَلْقَ وَجَبَ الصَّبْرُ إلَى إمْكَانِهِ وَلَا يَفْدِي.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ إنْ تَرَكَ الْحِلَاقَ حَتَّى رَجَعَ إلَى بَلَدِهِ حَلَقَ وَعَلَيْهِ دَمٌ وَكَأَنَّهُمْ جَعَلُوا ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى وُجُوبِهِ وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّ الدَّمَ لَمْ يَقُمْ مَقَامَ الْحَلْقِ بَلْ يُقَامُ مَكَانَهُ وَأَصْحَابُنَا لَا يُوجِبُونَ فِي ذَلِكَ دَمًا وَلَا يَجْعَلُونَ لِلْحَلْقِ مَكَانًا وَزَادَ أَبُو حَنِيفَةَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ لَوْ أَخَّرَهُ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ لَزِمَهُ دَمٌ وَخَالَفَهُ صَاحِبَاهُ وَالْجُمْهُورُ وَدَلَالَةُ هَذَا الْحَدِيثِ قَاصِرَةٌ عَلَى الرُّكْنِيَّةِ وَالْوُجُوبِ.
{الثَّامِنَةُ} قَدْ يُفْهَمُ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْحَلْقِ بِلَفْظِ الْمُبَالَغَةِ تَرْجِيحُ حَلْقِ جَمِيعِهِ عَلَى الِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْضِهِ وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي أَقَلَّ الْمُجْزِئِ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَقَلُّ مَا يُجْزِئُ ثَلَاثُ شَعَرَاتٍ وَلِبَعْضِ أَصْحَابِهِ وَجْهٌ شَاذٌّ أَنَّهُ يَكْفِي شَعْرَةٌ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَقَلُّ الْمُجَزِّئِ رُبْعُ الرَّأْسِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ نِصْفُ الرَّأْسِ وَقَالَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ أَكْثَرُ الرَّأْسِ، وَعَنْ مَالِكٍ رِوَايَةٌ أَنَّهُ كُلُّ الرَّأْسِ كَذَا قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَكِنْ فِي كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وُجُوبُ الْكُلِّ فَقَالَ ابْنُ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ: وَلَا يَتِمُّ هَذَا النُّسُكُ بِدُونِ حَلْقِ جَمِيعِ الرَّأْسِ وَقَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُحَرَّرِ فِي عَدِّ الْوَاجِبَاتِ حَلْقُ شَعْرِ الرَّأْسِ كُلِّهِ أَوْ تَقْصِيرُهُ وَعَنْ أَحْمَدَ يُجْزِئُ بَعْضُهُ كَالْمَسْحِ {التَّاسِعَةُ} التَّقْصِيرُ كَالْحَلْقِ فِي أَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُقَصِّرَ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِ الرَّأْسِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَالْوَاجِبُ تَقْصِيرُ ثَلَاثِ شَعَرَاتٍ قَالُوا وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُنْقِصَ فِي التَّقْصِيرِ عَنْ قَدْرِ الْأُنْمُلَةِ مِنْ أَطْرَافِ الشَّعْرِ فَإِنْ قَصَّرَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute