. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَمَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا مَفْهُومَ لَهُ كَيْفَ وَهُوَ مَفْهُومُ لَقَبٍ وَلَيْسَ حُجَّةً عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا مَنْ اشْتَرَى مُصَرَّاةً وَهُوَ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مُصَرَّاةٍ لَكِنْ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (مَنْ اشْتَرَى شَاةً مُصَرَّاةً) فَصَرَّحَ بِذِكْرِ الْمَوْصُوفِ وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ تَحْرِيمَ التَّصْرِيَةِ عَامٌّ فِي كُلِّ مُصَرَّاةٍ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْأَنْعَامُ وَغَيْرُهَا مِمَّا هُوَ مَأْكُولُ اللَّحْمِ، وَغَيْرُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ مِمَّا يَحِلُّ بَيْعُهُ. وَأَمَّا ثُبُوتُ الْخِيَارِ وَرَدُّ الصَّاعِ فَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[فَائِدَة بَيْعَ الْمُصَرَّاةِ] ١
(الرَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ) وَفِيهِ أَنَّ بَيْعَ الْمُصَرَّاةِ صَحِيحٌ؛ لِقَوْلِهِ (إنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا) وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إذَا عَلِمَ التَّصْرِيَةَ وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا يَرُدُّهَا بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا، وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ.
(الْخَامِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ) (إنْ قُلْت) قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ إلَّا بَعْدَ الْحَلْبِ مَعَ أَنَّهُ ثَابِتٌ قَبْلَهُ إذَا عَلِمَ التَّصْرِيَةَ (قُلْت) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ جَوَابُهُ أَنَّهُ يَقْتَضِي إثْبَاتَ الْخِيَارِ فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ الْمُعَيَّنَيْنِ أَعْنِي الْإِمْسَاكَ وَالرَّدَّ مَعَ الصَّاعِ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْحَلْبِ لِتَوَقُّفِ هَذَيْنِ الْمُعَيَّنَيْنِ عَلَى الْحَلْبِ؛ لِأَنَّ الصَّاعَ عِوَضٌ عَنْ اللَّبَنِ وَمِنْ ضَرُورَةِ ذَلِكَ الْحَلْبُ. انْتَهَى.
(قُلْت) وَقَدْ يُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ التَّصْرِيَةَ لَا تُعْرَفُ غَالِبًا إلَّا بِالْحَلْبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَلَبَ أَوَّلًا لَبَنًا غَزِيرًا ثُمَّ حَلَبَ ثَانِيًا لَبَنًا قَلِيلًا عَرَفَ حِينَئِذٍ ذَلِكَ فَعَبَّرَ بِالْحَلْبِ عَنْ مَعْرِفَةِ التَّصْرِيَةِ؛ لِأَنَّهُ مُلَازِمٌ لَهُ غَالِبًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا) أَنَّ الرَّدَّ يَكُونُ عَلَى الْفَوْرِ لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى إطْلَاقِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ عَلَى وَجْهَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ كَسَائِرِ الْعُيُوبِ صَحَّحَهُ الْبَغَوِيّ وَالرَّافِعِيُّ وَالنَّوَوِيُّ. وَ (الثَّانِي) أَنَّهُ يَمْتَدُّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لِتِلْكَ الرِّوَايَةِ صَوَّبَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ فَقَدْ حَكَاهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ فِي اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ وَحَكَاهُ الرُّويَانِيُّ عَنْ نَصِّهِ فِي الْإِمْلَاءِ وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ إنَّهُ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ أَبُو حَامِدٍ الْمَرْوَزِيِّ وَأَبُو الْقَاسِمِ الصَّيْمَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَالْجَوْرِيُّ وَالْفُورَانِيُّ كَمَا حَكَاهُ شَيْخُنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute