. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِالْكَرَاهَةِ فَقَالَ قَالَ الْعُلَمَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، وَكَذَا يُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِي الْعَيْنِ الْجَارِيَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبُوَيْطِيِّ: أَكْرَهُ لِلْجُنُبِ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي الْبِئْرِ مَعِينَةً كَانَتْ أَوْ دَائِمَةً وَفِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ الَّذِي لَا يَجْرِي انْتَهَى.
وَكَأَنَّ النَّوَوِيَّ أَخَذَ كَرَاهَةَ الِاغْتِسَالِ فِي الْعَيْنِ الْجَارِيَةِ مِنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ وَلَيْسَ فِي نَصِّهِ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَالشَّافِعِيُّ لَمْ يَذْكُرْ الْجَارِيَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْبِئْرَ الْمُعِينَةَ، وَالدَّائِمَةَ فَالْمُعِينَةُ هِيَ الَّتِي تَمُدُّهَا عَيْنٌ فِيهَا، وَالدَّائِمَةُ هِيَ الَّتِي لَا تَمُدُّهَا عَيْنٌ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَعَرُّضٌ لِلْجَارِيَةِ وَمُقْتَضَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْجَارِيَ لَا بَأْسَ بِالِاغْتِسَالِ فِيهِ خُصُوصًا إنْ كَانَتْ عَيْنًا كَبِيرَةً فَلَا وَجْهَ لِلْكَرَاهَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ الِاسْتِنْجَاءُ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ]
(السَّابِعَةَ عَشَرَ) هَلْ يَلْحَقُ بِالنَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ الِاسْتِنْجَاءُ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْدِيرِهِ أَوْ لَيْسَ الِاسْتِنْجَاءُ فِي حُكْمِ الْبَوْلِ قَالَ النَّوَوِيُّ: إنْ كَانَ قَلِيلًا فَهُوَ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَلَيْسَ بِحَرَامٍ وَلَا تَظْهَرُ كَرَاهَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْبَوْلِ وَلَا يُقَارِبُهُ قَالَ: وَلَوْ اجْتَنَبَ الْإِنْسَانُ هَذَا كَانَ أَحْسَنَ انْتَهَى.
فَإِنْ كَانَ أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ مِنْ الْبَوْلِ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ أَرَادَ الِاسْتِنْجَاءَ مِنْ الْغَائِطِ فَفِي عَدَمِ الْكَرَاهَةِ نَظَرٌ خُصُوصًا لِمَنْ لَمْ يُخَفِّفْهُ بِالْحَجَرِ وَمَعَ الِانْتِشَارِ، وَالْكَثْرَةِ فَرُبَّمَا كَانَ أَفْحَشَ مِنْ الْبَوْلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَةٌ الْمَاءُ الْمُسْتَبْحِرُ الْكَثِيرُ جِدًّا لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ النَّجَاسَةُ] ١
(الثَّامِنَةَ عَشَرَ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ بِالتَّخْصِيصِ أَوْ التَّقْيِيدِ؛ لِأَنَّ الِاتِّفَاقَ وَاقِعٌ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَبْحِرَ الْكَثِيرَ جِدًّا لَا تُؤَثِّرُ فِيهِ النَّجَاسَةُ، وَالِاتِّفَاقُ وَاقِعٌ عَلَى أَنَّ الْمَاءَ إذَا غَيَّرَتْهُ النَّجَاسَةُ امْتَنَعَ اسْتِعْمَالُهُ فَمَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا حَمَلَ النَّهْيَ عَلَى الْكَرَاهَةِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ الْمَاءَ لَا يَنْجُسُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ لَا بُدَّ أَنْ يُخْرِجَ صُورَةَ التَّغَيُّرِ بِالنَّجَاسَةِ أَعْنِي عَنْ الْحُكْمِ بِالْكَرَاهَةِ، فَإِنَّ الْحُكْمَ ثُمَّ التَّحْرِيمَ.
فَإِذًا لَا بُدَّ مِنْ الْخُرُوجِ عَنْ الظَّاهِرِ عِنْدَ الْكُلِّ.
(التَّاسِعَةَ عَشَرَ) قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَلَمْ يَأْخُذْ أَحَدٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ إلَّا رَجُلٌ يُنْسَبُ إلَى الْعِلْمِ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ يُقَالُ لَهُ دَاوُد بْنُ عَلِيٍّ فَقَالَ: مَنْ بَالَ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ فَقَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ بِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا قَالَ: فَإِنْ بَالَ فِي إنَاءٍ وَصَبَّهُ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ كَانَ لَهُ الْوُضُوءُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نُهِيَ عَنْ الْبَوْلِ فِيهِ فَقَطْ بِزَعْمِهِ، وَصَبُّهُ لِلْبَوْلِ مِنْ الْإِنَاءِ لَيْسَ بِبَوْلٍ فِيهِ فَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ.
فَلَوْ بَالَ خَارِجًا عَنْ الْمَاءِ الدَّائِمِ فَسَالَ فِيهِ جَازَ أَنْ