. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
رَجَبٍ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَذَلِكَ بَعْدَ نَكْثِ قُرَيْشٍ الْعَهْدَ، وَقَبْلَ الْفَتْحِ فَإِنَّهُ كَانَ فِي رَمَضَانَ مِنْ السَّنَةِ الْمَذْكُورَةِ.
(الرَّابِعَةُ) فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا ثَلَثَمِائَةٍ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ (وَبِضْعَةَ عَشَرَ) فَإِنْ صَحَّتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ فَلَعَلَّهُ اقْتَصَرَ فِي الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عَلَى الثَّلَثِمِائَةِ اسْتِسْهَالًا لِأَمْرِ الْكَسْرِ وَالْأَخْذُ بِالزِّيَادَةِ مَعَ صِحَّتِهَا وَاجِبٌ.
(الْخَامِسَةُ) : فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا رُكْبَانًا، وَيَشْكُلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ «نَحْمِلُ أَزْوَادَنَا عَلَى رِقَابِنَا» فَلَوْ كَانُوا رُكْبَانًا لَمَا احْتَاجُوا إلَى حَمْلِ أَزْوَادِهِمْ عَلَى رِقَابِهِمْ لَا سِيَّمَا مَعَ قِلَّتِهَا وَيَدُلُّ عَلَى رُكُوبِهِمْ قَوْلُهُ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ «وَنَظَرَ إلَى أَطْوَلِ بَعِيرٍ» وَقَوْلُهُ فِيهِ «وَكَانَ رَجُلٌ نَحَرَ ثَلَاثَةَ جُزُرٍ ثُمَّ ثَلَاثَةَ جُزُرٍ» وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الْإِبِلِ مَعَهُمْ لَكِنَّ فِي كُتُبِ السِّيَرِ «أَنَّ سَعْدَ بْنَ قَيْسٍ اشْتَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ مِنْ جُهَيْنَةَ إلَى أَجَلٍ وَأَنَّهُ قَالَ مَنْ يَشْتَرِي مِنِّي تَمْرًا بِجُزُرٍ أَنْحَرُهَا هُنَا وَأُوَفِّيهِ التَّمْرَ بِالْمَدِينَةِ فَوَجَدَ رَجُلًا مِنْ جُهَيْنَةَ فَقَالَ لَهُ الْجُهَنِيِّ مَا أَعْرِفُك فَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ أَنَا قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ دُلَيْمٍ فَاشْتَرَى مِنْهُ كُلَّ جَزُورٍ بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرٍ فَامْتَنَعَ عُمَرُ مِنْ الشَّهَادَةِ وَقَالَ هَذَا لَا مَالَ لَهُ إنَّمَا الْمَالُ لِأَبِيهِ فَقَالَ الْجُهَنِيِّ وَاَللَّهِ مَا كَانَ سَعْدٌ لِيَخْنَى بِابْنِهِ وَفَضَلَ مَعَهُ بَعْدَ نَهْيِ أَبِي عُبَيْدَةَ جَزُورَانِ قَدِمَ بِهِمَا الْمَدِينَةَ ظَهْرًا يَتَعَاقَبُونَ عَلَيْهِمَا وَلَمَّا بَلَغَ سَعْدًا قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَعُمَرَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ قَالَ فَلَكَ أَرْبَعُ حَوَائِطَ أَدْنَاهَا حَائِطٌ تَجِدُ مِنْهُ خَمْسِينَ وَسْقًا، وَقَدِمَ الْجُهَنِيِّ فَأَوْفَاهُ وَحَمَلَهُ، وَكَسَاهُ فَبَلَغَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِعْلُ قَيْسٌ فَقَالَ: إنَّ الْجُودَ لِمَنْ شِيمَةِ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَيْتِ وَجَاءَ سَعْدٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ ابْنِ الْخَطَّابِ يُبَخِّلُ ابْنِي عَلَيَّ» وَلَعَلَّهُ سَمَّاهُمْ رُكْبَانًا بِاعْتِبَارِ تَهَيُّئِهِمْ لِلرُّكُوبِ وَإِنْ لَمْ يَتَّصِفُوا بِهِ أَوْ أَنَّ بَعْضَهُمْ كَانَ رَاكِبًا وَبَعْضُهُمْ كَانَ مَاشِيًا يَحْمِلُ زَادَهُ عَلَى رَقَبَتِهِ فَغَلَّبَ فِي كِلَا الرِّوَايَتَيْنِ بِإِطْلَاقِ صِفَةِ الْبَعْضِ عَلَى الْكُلِّ.
[فَائِدَة لِلرُّفْقَةِ فِي أَيِّ سَفَرٍ كَانَ وَإِنْ قَلُّوا أَنْ يُؤَمِّرُوا بَعْضَهُمْ عَلَيْهِمْ وَيَنْقَادُوا لَهُ]
(السَّادِسَةُ) وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ لِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ بِتَأْمِيرِهِ عَلَى هَذَا الْجَيْشِ الَّذِي فِيهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَفَاضِلِ الصَّحَابَةِ وَفِيهِ أَنَّ الْجُيُوشَ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ أَمِيرٍ يَضْبِطُهَا وَتَنْقَادُ لِأَمْرِهِ وَنَهْيِهِ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَمِيرُ مِنْ أَفْضَلِهِمْ. قَالَ أَصْحَابُنَا: وَيُسْتَحَبُّ لِلرُّفْقَةِ فِي أَيِّ سَفَرٍ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute