. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
أَخْذُهَا إنَّهُ الَّذِي يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ وَقِيلَ الْفَقِيرُ الَّذِي لَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا فِي يَوْمِهِ ذَلِكَ انْتَهَى وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا تَجِبُ إلَّا عَلَى مَنْ مَلَكَ نِصَابًا مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَوْ مَا قِيمَتُهُ قِيمَةُ نِصَابٍ فَاضِلًا عَنْ مَسْكَنِهِ وَأَثَاثِهِ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ.
قَالَ الْعَبْدَرِيُّ وَلَا يُحْفَظُ هَذَا عَنْ أَحَدٍ غَيْرِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَحَكَى ابْنُ حَزْمٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ كَانَ لَهُ خَمْسُونَ دِرْهَمًا فَهُوَ غَنِيٌّ وَإِلَّا فَهُوَ فَقِيرٌ قَالَ وَقَالَ غَيْرُهُ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا انْتَهَى.
وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وَعَبْدٍ ذَكَرٍ وَأُنْثَى صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ فَقِيرٍ أَوْ غَنِيٍّ صَاعٌ مِنْ تَمْرٍ أَوْ نِصْفُ صَاعٍ مِنْ قَمْحٍ قَالَ مَعْمَرٌ وَبَلَغَنِي أَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ يَرْوِيهِ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ أَبِي صَغِيرٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَدُّوا صَاعًا مِنْ قَمْحٍ أَوْ قَالَ بُرٍّ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْحُرِّ وَالْمَمْلُوكِ وَالْغَنِيِّ وَالْفَقِيرِ أَمَّا غَنِيُّكُمْ فَيُزَكِّيهِ اللَّهُ وَأَمَّا فَقِيرُكُمْ فَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِمَّا أُعْطِيَ» .
وَمَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَالِكِيُّ إلَى مَقَالَةِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: وَالْمَسْأَلَةُ لَهُ قَوِيَّةٌ فَإِنَّ الْفَقِيرَ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ وَلَا أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَخْذِهَا مِنْهُ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِإِعْطَائِهَا لَهُ وَحَدِيثُ ثَعْلَبَةَ لَا يُعَارِضُ الْأَحَادِيثَ الصِّحَاحَ وَلَا الْأُصُولَ الْقَوِيَّةَ، وَقَدْ قَالَ «لَا صَدَقَةَ إلَّا عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» وَإِذَا لَمْ يَكُنْ هَذَا غَنِيًّا فَلَا تَلْزَمُهُ الصَّدَقَةُ انْتَهَى وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَيْسَ التَّمَسُّكُ فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ ثَعْلَبَةَ وَإِنَّمَا التَّمَسُّكُ بِالْعُمُومِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَكَاةَ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ عَلَى النَّاسِ» .
وَقَدْ ذَكَرَ ذَلِكَ هُوَ فِي أَوَّلِ كَلَامِهِ إلَّا أَنَّا اعْتَبَرْنَا الْقُدْرَةَ عَلَى الصَّاعِ لِمَا عُلِمَ مِنْ الْقَوَاعِدِ الْعَامَّةِ فَأَخْرَجْنَا عَنْ ذَلِكَ الْعَاجِزَ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة مصرف الزَّكَاة]
(السَّادِسَةَ عَشْرَةَ) لَمْ يَتَعَرَّضْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ لِلتَّصْرِيحِ بِمَصْرِفِ زَكَاةِ الْفِطْرِ لَكِنْ اُسْتُدِلَّ بِتَسْمِيَتِهَا زَكَاةً عَلَى أَنَّ مَصْرِفَهَا مَصْرِفُ الزَّكَوَاتِ وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالْجُمْهُورُ وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ إنَّمَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى الْفَقِيرِ الَّذِي لَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَى ذِمِّيٍّ، وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ وَعَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ وَمُرَّةَ الْهَمْدَانِيُّ أَنَّهُمْ كَانُوا يُعْطُونَ مِنْهَا الرُّهْبَانَ. اخْتَلَفَ الْأَوَّلُونَ فِي أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ اسْتِيعَابُ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ عِنْدَ الْإِمْكَانِ وَأَنْ يُعْطِيَ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ ثَلَاثَةً كَمَا فِي زَكَاةِ الْأَمْوَالِ أَمْ لَا؟ فَقَالَ بِالْأَوَّلِ الشَّافِعِيُّ وَدَاوُد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute