. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
لَا رَقِيقَ لَهُ فَبَيَّنَ حَالَ نَفْسِهِ، وَقَدْ قَدَّمَ الْحَنَابِلَةُ الْعَبْدَ عَلَى الْقَرِيبِ مِنْ وَلَدٍ وَغَيْرِهِ، وَلَمْ أَرَ أَصْحَابَنَا الشَّافِعِيَّةَ تَعَرَّضُوا لِذِكْرِ الْعَبْدِ عِنْدَ تَزَاحُمِ مَنْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ وَكَانَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ لَهُ جِهَةٌ يُنْفِقُ مِنْهَا وَهِيَ كَسْبُهُ وَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ كَسُوبٍ وَتَعَذَّرَتْ إجَارَتُهُ لِمَنْفَعَةٍ مِنْ الْمَنَافِعِ فَيُبَاعُ هُوَ أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ لِنَفَقَتِهِ وَقَوْلُهُ «فَإِنْ فَضَلَ عَنْ ذِي قَرَابَتِك شَيْءٌ فَهَكَذَا وَهَكَذَا» فِيهِ تَقْدِيمُ الصَّدَقَةِ عَلَى الْقَرَابَةِ عَلَى الصَّدَقَةِ عَلَى الْأَجَانِبِ إنْ كَانَ الْحَدِيثُ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ فَإِنْ كَانَ فِي النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ خَرَجَ مِنْ هَذَا الْبَابِ.
وَقَوْلُهُ «فَهَكَذَا وَهَكَذَا» كَذَا هُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ فَبَيْنَ يَدَيْك وَعَنْ يَمِينِك وَعَنْ شِمَالِك وَذَلِكَ يَقْتَضِي تَكْرِيرَ قَوْلِهِ هَكَذَا ثَلَاثًا وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيّ وَعَبَّرَ بِذَلِكَ عَنْ كَثْرَةِ الصَّدَقَةِ وَتَنْوِيعِ جِهَاتِهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ الْجِهَاتِ الْمَحْسُوسَةِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الِابْتِدَاءُ بِالنَّفَقَةِ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ فِيهِ وَمَحِلُّ تَقْدِيمِ النَّفْسِ فِي حَقِّ مَنْ لَا يَصْبِرُ عَلَى الْإِضَافَةِ أَمَّا مَنْ صَبَرَ عَلَيْهَا، وَآثَرَ عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ مَحْمُودٌ قَدْ جَاءَ بِمَدْحِهِ الْقُرْآنُ الْكَرِيمُ وَفَعَلَهُ الصِّدِّيقُ وَذَلِكَ الْأَنْصَارِيُّ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ وَغَيْرُهُمَا وَفِيهِ أَنَّ الْحُقُوقَ وَالْفَضَائِلَ إذَا تَزَاحَمَتْ قُدِّمَ الْآكَدُ فَالْآكَدُ وَفِيهِ أَنَّ الْأَفْضَلَ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَنْ يُنَوِّعَهَا فِي جِهَاتِ الْخَيْرِ وَوُجُوهِ الْبِرِّ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ وَلَا يَحْصُرُهَا فِي جِهَةٍ مُعَيَّنَةٍ.
[فَائِدَة نَظَرُ الْإِمَامِ فِي مَصْلَحَةِ رَعِيَّتِهِ وَأَمْرُهُ إيَّاهُمْ بِمَا فِيهِ الرِّفْقُ بِهِمْ] ١
(التَّاسِعَةُ) فِيهِ نَظَرُ الْإِمَامِ فِي مَصْلَحَةِ رَعِيَّتِهِ، وَأَمْرُهُ إيَّاهُمْ بِمَا فِيهِ الرِّفْقُ بِهِمْ وَإِبْطَالُهُ مَا يَضُرُّهُمْ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِمْ الَّتِي يُمْكِنُ فَسْخُهَا.
(الْعَاشِرَةُ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ «بَاعَ» أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاشَرَ الْبَيْعَ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ {أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [الأحزاب: ٦] وَتَصَرُّفُهُ عَلَيْهِمْ مَاضٍ لَا انْدِفَاعَ لَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِذَلِكَ وَنَسَبَ إلَيْهِ الْبَيْعَ مَجَازًا لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ «ثُمَّ أَرْسَلَ بِثَمَنِهِ إلَيْهِ» فَإِنَّهُ يَقْتَضِي غَيْبَتَهُ عَنْ الْبَيْعِ وَقَبْضَ الثَّمَنِ وَكَذَا قَوْلُهُ «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي» يَقْتَضِي مُبَاشَرَتَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَحَكَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ عَنْ الْعَلَمِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ يُحِيطُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ لَا يَبِيعُ عَلَى أَحَدٍ مَالَهُ إلَّا فِيمَا لَزِمَهُ أَوْ يَأْمُرُهُ قِيلَ لَهُ فَبِأَيِّهِمَا بَاعَهُ قَالَ: أَمَّا الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ آخِرُ الْحَدِيثِ فِي دَفْعِهِ ثَمَنَهُ إلَى صَاحِبِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ فَإِنَّهُ دَبَّرَهُ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ حِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute