. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
سُنَنِ الصَّلَاةِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا لِأَنَّ فِيهِ أَنَّ الطَّائِفَةَ الْأُولَى تُصَلِّي الرَّكْعَةَ الثَّانِيَةَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَهَا الْإِمَامُ وَتُسَلِّمُ قَبْلَ إمَامِهَا وَهَذَا لَا يَجُوزُ عِنْدَ الْجَمِيعِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إلَّا أَشْهَبَ إلَى الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي فِي حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ إجَازَةِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ثُمَّ إنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ الْإِمَامَ يُسَلِّمُ وَتَأْتِي الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ بِالرَّكْعَةِ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهَا بَعْدَ سَلَامِهِ وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يَقُولُونَ يَنْتَظِرُهُمْ حَتَّى يَأْتُوا بِالرَّكْعَةِ فَإِذَا لَحِقُوهُ سَلَّمَ كَمَا تَقَدَّمَ وَزَعَمَ ابْنُ حَزْمٍ أَنَّ مَا قَالَهُ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَأْتِ فِي شَيْءٍ مِمَّا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْلًا وَلَمْ يَجِدُهُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ إلَّا عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ.
[فَائِدَة كِلَا الطَّائِفَتَيْنِ تُصَلِّي الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ] ١
(الرَّابِعَةُ) دَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ تُصَلِّي الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَيْهَا بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ لَا سَبِيلَ إلَى فِعْلِهِمْ ذَلِكَ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَضْيِيعِ أَمْرِ الْحَرْبِ بِاشْتِغَالِ الطَّائِفَتَيْنِ مَعًا بِالصَّلَاةِ فَلَا بُدَّ وَأَنْ تُصَلِّيَ إحْدَى الْفِرْقَتَيْنِ بَعْدَ الْأُخْرَى وَلَا سَبِيلَ إلَى فِعْلِ ذَلِكَ وَهُمْ فِي مُوَاجِهَةِ الْعَدُوِّ إذْ لَا يُمْكِنُهُمْ مَعَ ذَلِكَ مُرَاعَاةُ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَجِيئِهِمْ إلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ لِيُتِمُّوهَا هُنَاكَ لَكِنْ أَيُّ الْفِرْقَتَيْنِ تُتِمُّ صَلَاتَهَا أَوَّلًا الْأُولَى أَمْ الثَّانِيَةُ؟ .
لَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ إفْصَاحٌ عَنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ يُصَلُّونَ لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً بَعْدَ أَنْ يَنْصَرِفَ الْإِمَامُ وَهَذَا صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْأُولَى تَعُودُ إلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ وَتُتِمُّ صَلَاتَهَا ثُمَّ تَذْهَبُ إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ ثُمَّ تَجْيِيءُ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ إلَى مَوْضِعِ الصَّلَاةِ وَتُتِمُّ صَلَاتَهَا وَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ تَفْرِيعًا عَلَى إجَازَةِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي رَوَاهَا ابْنُ عُمَرَ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ أَشْهَبُ أَنَّ الطَّائِفَةَ الثَّانِيَةَ تُكْمِلُ صَلَاتَهَا وَتَذْهَبُ إلَى وَجْهِ الْعَدُوِّ ثُمَّ تَجِيءُ حِينَئِذٍ الطَّائِفَةُ الْأُولَى وَتَأْتِي بِمَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهَا وَقَدْ يَشْهَدُ لَهُ مَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَقَالَ بَعْدَ ذِكْرِ صَلَاةِ الْخَوْفِ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ «ثُمَّ سَلَّمَ فَقَامَ هَؤُلَاءِ فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمُوا ثُمَّ ذَهَبُوا فَقَامُوا مَقَامَ أُولَئِكَ مُسْتَقْبِلِي الْعَدُوَّ وَرَجَعَ أُولَئِكَ إلَى مَقَامِهِمْ فَصَلَّوْا لِأَنْفُسِهِمْ رَكْعَةً ثُمَّ سَلَّمُوا»
فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَشَارَ بِأُولَئِكَ الَّتِي هِيَ إشَارَةُ الْبَعِيدِ إلَى الْفِرْقَةِ الَّتِي كَانَتْ بَعِيدَةً عَنْ الْإِمَامِ وَقْتَ سَلَامِهِ وَهِيَ الْفِرْقَةُ الْأُولَى وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالنَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute