بَابُ كَسْرِ الصَّلِيبِ وَقَتْلِ الْخِنْزِيرِ وَوَضْعِ الْجِزْيَةِ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُوشِكُ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا يَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ»
ــ
[طرح التثريب]
[بَابُ كَسْرِ الصَّلِيبِ وَقَتْلِ الْخِنْزِيرِ وَوَضْعِ الْجِزْيَةِ] [حَدِيث يُوشِكُ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ]
عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «يُوشِكُ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا يَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ» .
(فِيهِ) فَوَائِدٌ {الْأُولَى} اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ أَيْضًا، وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، وَصَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ كُلُّهُمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
{الثَّانِيَةُ} قَوْلُهُ «يُوشِكُ» بِكَسْرِ الشِّينِ أَيْ يَقْرَبُ، وَقَوْلُهُ «أَنْ يَنْزِلَ» أَيْ مِنْ السَّمَاءِ، وَقَوْلُهُ «فِيكُمْ» أَيْ فِي هَذِهِ الْأَمَةِ، وَإِنْ كَانَ خِطَابًا لِبَعْضِهَا مِمَّنْ لَا يَدْرِك نُزُولَهُ، وَقَوْلُهُ «حَكَمًا» بِفَتْحِ الْكَافِ أَيْ حَاكِمًا، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَنْزِلُ حَاكِمًا بِهَذِهِ الشَّرِيعَةِ لَا نَبِيًّا بِرِسَالَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ وَشَرِيعَةٍ نَاسِخَةٍ فَإِنَّ هَذِهِ الشَّرِيعَةَ بَاقِيَةٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا تُنْسَخُ، وَلَا نَبِيَّ بَعْدَ نَبِيِّنَا كَمَا نَطَقَ بِذَلِكَ، وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ بَلْ هُوَ حَاكِمٌ مِنْ حُكَّامِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَفِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ «أَنَّهُ حِينَ يَنْزِلُ يَمْتَنِعُ مِنْ التَّقَدُّمِ لِإِمَامَةِ الصَّلَاةِ، وَيَقُولُ إمَامُكُمْ مِنْكُمْ» ، وَقَوْلُهُ «مُقْسِطًا» أَيْ عَادِلًا يُقَالُ أَقْسَطَ يُقْسِطُ إقْسَاطًا فَهُوَ مُقْسِطٌ إذَا عَدَلَ، وَالْقِسْطُ بِكَسْرِ الْقَافِ الْعَدْلُ أَمَّا الْقَاسِطُ فَهُوَ الْجَائِرُ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا} [الجن: ١٥] يُقَالُ مِنْهُ قَسَطَ يَقْسِطُ قَسْطًا بِفَتْحِ الْقَافِ.
{الثَّالِثَةُ} قَوْلُهُ (يَكْسِرُ الصَّلِيبَ) مَعْنَاهُ يَكْسِرُهُ حَقِيقَةً وَيُبْطِلُ مَا يَزْعُمُهُ النَّصَارَى مِنْ تَعْظِيمِهِ، وَيُغَيِّرُ مَا نَسَبُوهُ إلَيْهِ مِنْ الْبَاطِلِ كَمَا غَيَّرَهُ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَعْلَمَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute