. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْمَدِينَةَ) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَأَبُو الْحَسَنِ الْمُقْرِي فِي كِتَابِ الشَّمَائِلِ لَهُ عَنْ ابْنِ عَائِشَةَ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ إنَّمَا سُمِّيَتْ بِثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُشَيِّعُونَ الْحُجَّاجَ وَالْغُزَاةَ إلَيْهَا وَيُوَدِّعُونَهُمْ عِنْدَهَا، وَإِلَيْهِمْ كَانُوا يَخْرُجُونَ عِنْدَ التَّلَقِّي انْتَهَى.
وَهَذَا كُلُّهُ مَرْدُودٌ فَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَسُنَنِ أَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ «لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ تَبُوكَ خَرَجَ النَّاسُ يَتَلَقَّوْنَهُ إلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ» . وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا مِنْ جِهَةِ الشَّامِ، وَلِهَذَا لَمَّا نَقَلَ وَالِدِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ كَلَامَ ابْنِ بَطَّالٍ قَالَ إنَّهُ وَهْمٌ قَالَ: وَكَلَامُ ابْنِ عَائِشَةَ مُعْضَلٌ لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ ثُمَّ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الثَّنِيَّةُ الَّتِي مِنْ كُلِّ جِهَةٍ يَصِلُ إلَيْهَا الْمُشَيِّعُونَ يُسَمُّونَهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ.
وَقَوْلُهُ، وَكَانَ أَمَدُهَا ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ يَجُوزُ فِيهِ رَفْعُ الْأَوَّلِ وَنَصَبُ الثَّانِي، وَعَكْسُهُ عَلَى تَقْدِيمِ الْخَبَرِ، وَقَدْ ضَبَطْنَاهُ بِالْوَجْهَيْنِ، وَالْأَمَدُ الْغَايَةُ قَالَ النَّابِغَةُ
سَبَقَ الْجَوَادُ إذَا اسْتَوْلَى عَلَى الْأَمَدِ
، وَتَقَدَّمَ فِي الْفَائِدَةِ الْأُولَى عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ أَنَّ بَيْنَ الْحَفْيَاءِ وَثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ سِتَّةُ أَمْيَالٍ أَوْ سَبْعَةٌ.
، وَعَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ سِتَّةُ أَمْيَالٍ أَوْ خَمْسَةٌ، وَأَطْلَقَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الثَّانِي عَنْ سُفْيَانَ فَظَنَّ النَّوَوِيُّ أَنَّهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ فَصَرَّحَ بِذَلِكَ، وَهُوَ وَهْمٌ، وَإِنَّمَا هُوَ الثَّوْرِيُّ كَمَا عَرَفْت، وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي التِّرْمِذِيِّ الْجَزْمَ بِسِتَّةِ أَمْيَالٍ.
وَقَوْلُهُ مِنْ الثَّنِيَّةِ أَيْ الْمَذْكُورَةُ، وَهِيَ ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ «وَمَسْجِدُ بَنِي زُرَيْقٍ» بِتَقْدِيمِ الزَّايِ عَلَى الرَّاءِ أُضِيفَ إلَيْهِمْ لِصَلَاتِهِمْ بِهِ، وَهِيَ إضَافَةُ تَعْرِيفٍ لَا مِلْكٍ.
{الثَّالِثَةُ} فِيهِ الْمُسَابِقَةُ بَيْنَ الْخَيْلِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنْ الْعَبَثِ الْمَذْمُومِ بَلْ مِنْ الرِّيَاضَةِ الْمَحْمُودَةِ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى تَحْصِيلِ الْمَقَاصِدِ فِي الْغَزْوِ وَالِانْتِفَاعِ بِهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى الْقِتَالِ كَرًّا وَفَرًّا، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهَا مُبَاحَةٌ أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ، وَمَذْهَبُ أَصْحَابِنَا أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ.
[فَائِدَة إضْمَارُ الْخَيْلِ] ١
{الرَّابِعَةُ} وَفِيهِ إضْمَارُ الْخَيْلِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ، وَهِيَ الْقُوَّةُ عَلَى الْجَرْي، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِي اسْتِحْبَابِهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ، وَلَا يَخْفَى اخْتِصَاصُ اسْتِحْبَابِ الْأَمْرَيْنِ بِالْخَيْلِ الْمُعَدَّةِ لِقِتَالِ الْكُفَّارِ، وَمَنْ سَاوَاهُمْ فِي جَوَازِ قِتَالِهِ أَمَّا الْمُعَدَّةُ لِقِتَالِ مَنْ لَا يَحِلُّ قِتَالُهُ فَلَا يُسْتَحَبُّ فِيهَا ذَلِكَ بَلْ لَا يَجُوزُ بِهَذَا الْقَصْدِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة لَا بُدَّ فِي مُسَابَقَةِ الخيل مِنْ إعْلَامِ ابْتِدَاءِ الْغَايَةِ وَانْتِهَائِهَا] ١
{الْخَامِسَةُ} وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْمُسَابَقَةِ مِنْ إعْلَامِ ابْتِدَاءِ الْغَايَةِ وَانْتِهَائِهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِلَّا أَدَّى إلَى