. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَاجِبٍ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ وَبِتَقْدِيرِ صَرْفِهِ عَنْ ذَلِكَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ فَلَا يَكُونُ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ فَأَقَلُّ دَرَجَاتِهِ أَنْ يَكُونَ قَاصِرَ الدَّلَالَةِ عَنْ الطَّرَفَيْنِ، ثُمَّ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي قَوْله تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ بَيَانَ مَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُ مِنْ أَعْدَادِ النِّسَاءِ لَا بَيَانَ حُكْمِ أَصْلِ الْقَاعِدَةِ، وَلَا حُجَّةَ لَهُمْ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: ٣٢] فَإِنَّهُ أَمْرٌ لِلْأَوْلِيَاءِ بِالْإِنْكَاحِ وَلِلْأَزْوَاجِ بِالنِّكَاحِ. انْتَهَى.
وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِهِ عَلَى النِّسَاءِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ حَزْمٍ فَقَالَ: وَلَيْسَ ذَلِكَ فَرْضًا عَلَى النِّسَاءِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا} [النور: ٦٠] وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ صَاحِبُ التَّنْبِيهِ: إنَّ النِّكَاحَ لِلنِّسَاءِ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَمَكْرُوهٌ عِنْدَ عَدَمِهَا وَقَالَ الشَّيْخُ عِمَادُ الدِّينِ الزَّنْجَانِيُّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ الْمُسَمَّى بِالْمُوجَزِ. لَمْ يَتَعَرَّضْ الْأَصْحَابُ لِلنِّسَاءِ وَاَلَّذِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ النِّكَاحَ فِي حَقِّهِنَّ أَوْلَى مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُنَّ يَحْتَجْنَ إلَى الْقِيَامِ بِأُمُورِهِنَّ وَالتَّسَتُّرِ عَنْ الرِّجَالِ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ فِي حَقِّهِنَّ الضَّرَرُ النَّاشِئُ مِنْ النَّفَقَةِ.
(السَّابِعَةُ) قَوْلُهُ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ أَيْ أَشْهَدُ غَضًّا لَهُ وَقَوْلُهُ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ أَيْ أَشَدُّ إحْصَانًا لَهُ وَمَنْعًا عَنْ الْوُقُوعِ فِي الْفَاحِشَةِ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ يَحْتَمِلُ أَمْرَيْنِ:
(أَحَدُهُمَا) أَنْ يَكُونَ أَفْعَلُ فِيهِ مِمَّا يُسْتَعْمَلُ لِغَيْرِ الْمُبَالَغَةِ.
(وَالثَّانِي) أَنْ يَكُونَ عَلَى بَابِهَا فَإِنَّ التَّقْوَى سَبَبٌ لِغَضِّ الْبَصَرِ وَتَحْصِينِ الْفَرْجِ وَفِي مُعَارَضَتِهَا الشَّهْوَةَ وَالدَّاعِي إلَى النِّكَاحِ وَبَعْدَ النِّكَاحِ يَضْعُفُ هَذَا الْمُعَارِضُ فَيَكُونُ أَغَضَّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنَ لِلْفَرْجِ مِمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ فَإِنَّ وُقُوعَ الْفِعْلِ مَعَ ضَعْفِ الدَّاعِي إلَى وُقُوعِهِ أَنْدَرُ مِنْ وُقُوعِهِ مَعَ وُجُودِ الدَّاعِي.
[فَائِدَة مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مُؤَنَ النِّكَاحِ أَوْ نَفْسَ النِّكَاحِ] ١
(الثَّامِنَةُ) قَدْ عَرَفْت أَنَّ قَوْلَهُ: وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَيْ مُؤَنَ النِّكَاحِ أَوْ نَفْسَ النِّكَاحِ لِعَجْزِهِ عَنْ الْمُؤَنِ أَيْ مَعَ تَوَقَانِهِ إلَيْهِ فَهَذَا لَا يُؤْمَرُ بِالنِّكَاحِ بَلْ يُفْهَمُ مِنْ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْهُ تَرْكَهُ لِكَوْنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَرْشَدَ إلَى مَا يُنَافِيه وَيُضْعِفُ دَوَاعِيه وَهُوَ الصَّوْمُ وَقَدْ أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُ النِّكَاحِ، وَزَادَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ فَذَكَرَ أَنَّ النِّكَاحَ لَهُ مَكْرُوهٌ وَهُوَ أَبْلَغُ فِي طَلَبِ التَّرْكِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْحَنَابِلَةِ اسْتِحْبَابُ النِّكَاحِ لِلتَّائِقِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُؤَنِ، وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute