للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

بِالْقِيَاسِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا نَصٌّ فَإِنْ وُجِدَ تُرِكَ لَهُ الْقِيَاسُ، وَفِي قَوْلِهِ هُوَ أَخُوك يَا عَبْدُ بْنُ زَمْعَةَ مَا قَطَعَ الشَّبَهَ، وَرَفَعَ الْإِشْكَالَ فِي هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ احْتَجِبِي مِنْهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَك بِأَخٍ، وَلَيْسَ بِالثَّابِتِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ قَوْلُهُ (لَيْسَ لَك بِأَخٍ) لَا يُعْرَفُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَلْ هِيَ زِيَادَةٌ بَاطِلَةٌ مَرْدُودَةٌ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ إنَّهُ لَا يُعْرَفُ مَرْدُودٌ فَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيّ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ مِنْ حَدِيثِ مُجَاهِدٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ الزُّبَيْرِ مَوْلًى لَهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَيُوسُفَ هَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ إنَّ هَذَا مِنْ بَابِ الِاحْتِيَاطِ، وَتَوَقِّي الشُّبُهَاتِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِتَغْلِيظِ أَمْرِ الْحِجَابِ فِي حَقِّ سَوْدَةَ لِأَنَّهَا مِنْ زَوْجَاتِهِ، وَقَدْ غَلَّظَ ذَلِكَ فِي حَقِّهِنَّ، وَلِذَلِكَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لِحَفْصَةَ، وَعَائِشَةَ فِي حَقِّ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ» .

«وَقَالَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ انْتَقِلِي إلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ تَضَعِينَ ثِيَابَك عِنْدَهُ» فَأَبَاحَ لَهَا مَا مَنَعَهُ لِأَزْوَاجِهِ (قُلْت) ، وَلِآحَادِ النَّاسِ مَنْعُ زَوْجَتِهِ [عَنْ] مَحَارِمِهَا قَالَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ لَيْسَ فَرْضًا عَلَى الْمَرْأَةِ رُؤْيَةُ أَخِيهَا لَهَا إنَّمَا الْفَرْضُ عَلَيْهَا صِلَةُ رَحِمِهِ فَقَطْ، وَلَمْ يَأْمُرْهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِأَنْ لَا تَصِلَهُ ثُمَّ حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - " هُوَ لَك أَيْ هُوَ عَبْدُك " ثُمَّ قَالَ الثَّابِتُ أَنَّهُ قَالَ هُوَ أَخُوك، وَلَوْ قَضَى بِهِ عَبْدًا لَمْ يَلْزَمْهَا أَنْ تَحْتَجِبَ عَنْهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ.

[فَائِدَة الْحُكْمُ بَيْنَ حُكْمَيْنِ]

(الْعَاشِرَةُ) قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى قَاعِدَةٍ مِنْ قَوَاعِدِهِمْ، وَهُوَ الْحُكْمُ بَيْنَ حُكْمَيْنِ، وَذَلِكَ أَنْ يَأْخُذَ الْفَرْعُ شَبَهًا مِنْ أُصُولٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَيُعْطِيَ أَحْكَامًا مُتَعَدِّدَةً، وَلَا تُمْحَضُ لِأَحَدِ الْأُصُولِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْفِرَاشَ مُقْتَضٍ لِإِلْحَاقِهِ بِزَمْعَةَ، وَالشَّبَهُ الْبَيِّنُ مُقْتَضٍ لِإِلْحَاقِهِ بِعُتْبَةَ فَرُوعِيَ الْفِرَاشُ فِي النَّسَبِ، وَأُلْحِقَ بِزَمْعَةَ، وَرُوعِيَ الشَّبَهُ بِأَمْرِ سَوْدَةَ بِالِاحْتِجَابِ مِنْهُ فَأُعْطِيَ الْفَرْعُ حُكْمًا بَيْنَ حُكْمَيْنِ، وَلَمْ يُمْحَضْ أَمْرُ الْفِرَاشِ فَتَثْبُتْ الْمَحْرَمِيَّةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَوْدَةَ، وَلَا [رُوعِيَ] الشَّبَهُ مُطْلَقًا فَيُلْحَقُ بِعُتْبَةَ، وَإِلْحَاقُهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ وَجْهٍ أَوْلَى مِنْ إلْغَاءِ أَحَدِهِمَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ قَالَ، وَيُعْتَرَضُ عَلَى هَذَا بِأَنَّ صُورَةَ النِّزَاعِ مَا إذَا دَار الْفَرْعُ بَيْنَ أَصْلَيْنِ شَرْعِيَّيْنِ يَقْتَضِي الشَّرْعُ إلْحَاقَهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ حَيْثُ النَّظَرُ إلَيْهِ، وَهُنَا لَا يَقْتَضِي الشَّرْعُ إلَّا الْإِلْحَاقَ بِالْفِرَاشِ، وَالشَّبَهُ هُنَا غَيْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>