وَعَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: أَعْدَدْت لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» .
ــ
[طرح التثريب]
قَوْلُهُ فِي رِوَايَتِنَا «خَيْرٌ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ، وَالْأَرْضِ» وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى «مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ، أَوْ تَغْرُبُ» وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى «مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا» كُلُّهَا تَرْجِعُ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَيُرَادُ بِهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ فَإِنَّ كُلَّ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ، وَالْأَرْضِ تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ الدُّنْيَا وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ أَنَّ لِلْمُتَكَلِّمِينَ قَوْلَيْنِ فِي حَقِيقَةِ الدُّنْيَا:
(أَحَدُهُمَا) أَنَّهَا مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ الْهَوَاءِ، وَالْجَوِّ (وَالثَّانِي) أَنَّهَا كُلُّ الْمَخْلُوقَاتِ مِنْ الْجَوَاهِرِ، وَالْأَعْرَاضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[حَدِيث أَعْدَدْت لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ]
الْحَدِيثُ الْخَامِسُ وَعَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَعْدَدْت لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ» (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ هَمَّامٍ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ وَمِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
(الثَّانِيَةُ) مَعْنَاهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ادَّخَرَ فِي الْجَنَّةِ مِنْ النَّعِيمِ، وَالْخَيْرَاتِ، وَاللَّذَّاتِ مَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ أَحَدُ مِنْ الْخَلْقِ بِطَرِيقٍ مِنْ الطُّرُقِ فَذَكَرَ الرُّؤْيَةَ، وَالسَّمْعَ لِأَنَّهُ يُدْرَكُ بِهِمَا أَكْثَرُ الْمَحْسُوسَاتِ، وَالْإِدْرَاكُ بِالذَّوْقِ، وَالشَّمِّ، وَاللَّمْسِ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ زَادَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لِأَحَدٍ طَرِيقًا إلَّا تَوَهَّمَهَا بِفِكْرٍ وَخُطُورٍ عَلَى قَلْبٍ فَقَدْ جَلَّتْ وَعَظُمَتْ عَنْ أَنْ يُدْرِكَهَا فِكْرٌ وَخَاطِرٌ، وَلَا غَايَةَ فَوْقَ هَذَا فِي إخْفَائِهَا، وَالْإِخْبَارِ عَنْ عِظَمِ شَأْنِهَا عَلَى طَرِيقِ الْإِجْمَالِ دُونَ التَّفْصِيلِ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ.
وَقَدْ تَعَرَّضَ بَعْضُ النَّاسِ لِتَعْيِينِهِ، وَهُوَ تَكَلُّفٌ يَنْفِيهِ الْخَبَرُ نَفْسُهُ إذْ قَدْ نَفَى عِلْمَهُ، وَالشُّعُورَ بِهِ عَنْ كُلِّ أَحَدٍ قَالَ وَيَشْهَدُ لَهُ وَيُحَقِّقُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute