للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ «أَبَى سَائِرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُدَخِّلْنَ عَلَيْهِنَّ أَحَدًا بِتِلْكَ الرَّضَاعَةِ، وَقُلْنَ لِعَائِشَةَ، وَاَللَّهِ مَا نَدْرِي، هَذِهِ رُخْصَةٌ أَرْخَصَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِسَالِمٍ خَاصَّةً فَمَا هُوَ بِدَاخِلٍ عَلَيْنَا أَحَدٌ بِهَذِهِ الرَّضَاعَةِ، وَلَا رَائِينَا» ، وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيَّ قَدْ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِ التَّحْرِيمِ بِرَضَاعَةِ الْكَبِيرِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا كَانَ أَوَّلًا ثُمَّ انْقَطَعَ انْتَهَى.

[فَائِدَة السِّنِّ الَّذِي يَخْتَصُّ التَّحْرِيمُ بِالْإِرْضَاعِ فِيهِ] ١

ثُمَّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي السِّنِّ الَّذِي يَخْتَصُّ التَّحْرِيمُ بِالْإِرْضَاعِ فِيهِ عَلَى أَقْوَالٍ:

(أَحَدُهَا) أَنَّهُ حَوْلَانِ عَلَى طَرِيقِ التَّحْدِيدِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ فَمَتَى وَقَعَ الرَّضَاعُ بَعْدَهُمَا، وَلَوْ بِلَحْظَةٍ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ حُكْمٌ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَأَبِي عُبَيْدٍ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَحَكَاهُ ابْنُ حَزْمٍ عَنْ ابْنِ شُبْرُمَةَ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَدَاوُد، وَأَصْحَابِهِمْ، وَحَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ دَاوُد أَيْضًا، وَهَذَا يُخَالِفُ نَقْلَ النَّوَوِيُّ عَنْ دَاوُد قَالَ ابْنُ حَزْمٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ، قَالَ أَصْحَابُنَا، وَيُعْتَبَرُ الْحَوْلَانِ بِالْأَهِلَّةِ فَإِنْ انْكَسَرَ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ اُعْتُبِرَ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا بَعْدَهُ بِالْأَهِلَّةِ، وَيَكْمُلُ الْمُنْكَسِرُ ثَلَاثِينَ مِنْ الشَّهْرِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ قَالَ، وَيُحْسَبُ ابْتِدَاؤُهُمَا مِنْ وَقْتِ انْفِصَالِ الْوَلَدِ بِتَمَامِهِ، وَقَالَ الرُّويَانِيُّ لَوْ خَرَجَ نِصْفُ الْوَلَدِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ خَرَجَ بَاقِيه فَابْتِدَاءُ الْحَوْلَيْنِ فِي الرَّضَاعِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ خُرُوجِهِ، وَحَكَى ابْنُ كَجٍّ فِيهِ وَجْهَيْنِ، وَحَكَى وَجْهَيْنِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ ارْتَضَعَ قَبْلَ انْفِصَالِ جَمِيعِهِ هَلْ يَتَعَلَّقُ بِهِ تَحْرِيمٌ، وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: ٢٣٣] ، وَبِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّمَا الرَّضَاعَةُ مِنْ الْمَجَاعَةِ» ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَهُوَ خِلَافُ رِوَايَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَنْ عَائِشَةَ، وَلَكِنَّ الْعَمَلَ بِالْأَمْصَارِ عَلَى هَذَا انْتَهَى.

وَمَعْنَاهُ أَنَّ الرَّضَاعَةَ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْحُرْمَةُ مَا كَانَ فِي الصِّغَرِ وَالرَّضِيعُ طِفْلٌ يَقُوتُهُ اللَّبَنُ، وَيَسُدُّ جُوعَهُ بِخِلَافِ مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْحَالِ الَّتِي لَا يُشْبِعُهُ فِيهَا إلَّا الْخُبْزُ وَاللَّحْمُ، وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ أَيْضًا مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ إلَّا مَا فَتَقَ الْأَمْعَاءَ مِنْ الثُّدِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>