. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الرَّابِعُ) أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ وَرَدَ فِي الْعُمَّالِ الْمَبْعُوثِينَ مِنْ جِهَةِ الْإِمَامِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إنَّك تَبْعَثُنَا فَكَانَ عَلَى الْمَبْعُوثِ إلَيْهِمْ طَعَامُهُمْ وَمَرْكَبُهُمْ وَسُكْنَاهُمْ يَأْخُذُونَهُ عَنْ الْعَمَلِ الَّذِي يَتَوَلَّوْنَهُ لِأَنَّهُ لَا مَقَامَ لَهُمْ إلَّا بِإِقَامَةِ هَذِهِ الْحُقُوقِ، وَذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ وَقَالَ إنَّمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ لِمَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْعَثُهُمْ فِي زَمَانِهِ وَلَيْسَ إذْ ذَاكَ لِلْمُسْلِمِينَ بَيْنَ مَالٍ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَأَرْزَاقُهُمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا حَقَّ لَهُمْ فِي أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ وَإِلَى نَحْوِ ذَلِكَ مِنْهُ ذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ فِي الضِّيَافَةِ عَلَى أَهْلِ نَجْرَانَ فَزَعَمَ أَنَّهَا كَانَتْ خَاصَّةً.
(الْخَامِسُ) أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ مَرَّ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ [عَلَى] الَّذِينَ شَرَطَ عَلَيْهِمْ ضِيَافَةَ مَنْ يَمُرُّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ، وَقَدْ كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حِينَ ضَرَبَ الْجِزْيَةَ عَلَى نَصَارَى الشَّامِ جَعَلَ عَلَيْهِمْ الضِّيَافَةَ لِمَنْ نَزَلَ بِهِمْ فَإِذَا شُرِطَتْ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ مَعَ الْجِزْيَةِ فَمَنَعُوهَا كَانَ لِلضَّيْفِ أَنْ يَأْخُذَ حَقَّهُ مِنْ عَرَضِ أَمْوَالِهِمْ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ إنَّمَا صَارَ هَذَا فِي زَمَنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَيْ فَكَيْفَ يُحْمَلُ الْحَدِيثُ عَلَيْهِ.
(السَّادِسُ) بَوَّبَ عَلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ مَا يَحِلُّ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، ثُمَّ قَالَ إنَّمَا مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَخْرُجُونَ فِي الْغَزْوِ فَيَمُرُّونَ بِقَوْمٍ وَلَا يَجِدُونَ مِنْ الطَّعَامِ مَا يَشْتَرُونَ بِالثَّمَنِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنْ أَبَوْا أَنْ يَبِيعُوا إلَّا أَنْ تَأْخُذُوا كَرْهًا فَخُذُوا» .
هَكَذَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الْحَدِيثِ مُفَسَّرًا (وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِنَحْوِ هَذَا انْتَهَى) .
وَتَبْوِيبُهُ قَدْ يُوَافِقُ الْجَوَابَ الْخَامِسَ وَلَكِنَّ مَا شُرِحَ بِهِ الْحَدِيثُ يَقْتَضِي حَمْلَهُ عَلَى مَنْ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعٍ لِلْمُحْتَاجِ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ بِهِ الْحَالُ لِلضَّرُورَةِ فَإِنْ كَانَ مُضْطَرًّا فَهُوَ الْجَوَابُ الْأَوَّلُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة جَوَازِ أَخَذَ الظَّافِر حَقّه مِنْ الْمُمْتَنِع عَنْ أَدَائِهِ] ١
(الرَّابِعَةُ) اسْتَدَلَّ بِهِ الْبُخَارِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى مَسْأَلَةِ الظَّفَرِ وَأَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ حَقٌّ فَمَنَعَهُ إيَّاهُ وَجَحَدَهُ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فِي مُقَابِلَةِ مَا مَنَعَهُ مِنْ حَقِّهِ فَبَوَّبَ عَلَيْهِ (بَابُ قِصَاصِ الْمَظْلُومِ إذَا وَجَدَ مَالَ ظَالِمِهِ) وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ يُقَاصُّهُ وَقَرَأَ {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ١٢٦] وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فَجَزَمَ بِالْأَخْذِ فِيمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ تَحْصِيلُ الْحَقِّ بِالْقَاضِي بِأَنْ يَكُونَ مُنْكِرًا وَلَا بَيِّنَةَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ قَالَ وَلَا يَأْخُذُ غَيْرَ الْجِنْسِ مَعَ ظَفَرِهِ بِالْجِنْسِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا غَيْرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute