. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْجِنْسِ جَازَ الْأَخْذُ، وَإِنْ أَمْكَنَ تَحْصِيلُ الْحَقِّ بِالْقَاضِي بِأَنْ كَانَ مُقِرًّا مُمَاطِلًا أَوْ مُنْكِرًا عَلَيْهِ بَيِّنَةٍ أَوْ كَانَ يَرْجُو إقْرَارَهُ لَوْ حَضَرَ عِنْدَ الْقَاضِي وَعَرَضَ عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَهَلْ يَسْتَقِلُّ بِالْأَخْذِ أَوْ يَجِبُ الرَّفْعُ إلَى الْقَاضِي؟ فِيهِ لِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ جَوَازُ الْأَخْذِ وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُ وَرُوِيَ عَنْهُ الْأَخْذُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ زِيَادَةٌ وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْجَاحِدِ دَيْنٌ فَلَهُ الْأَخْذُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَكُونُ فِيهِ أُسْوَةً بِالْغُرَمَاءِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَأْخُذُ مِنْ الذَّهَبِ الذَّهَبَ وَمِنْ الْفِضَّةِ الْفِضَّةَ وَمِنْ الْمَكِيلِ الْمَكِيلَ وَمِنْ الْمَوْزُونِ الْمَوْزُونَ وَلَا يَأْخُذُ غَيْرَ ذَلِكَ وَقَالَ زُفَرُ.
لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْعِوَضَ بِالْقِيمَةِ، قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ أَجَازَ بِدَلَالَةِ الْآيَةِ وَحَدِيثِ هِنْدَ أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجَازَ لَهَا أَنْ تُطْعِمَ عَائِلَةَ زَوْجِهَا مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ عِوَضًا عَمَّا قَصَّرَ فِي إطْعَامِهِمْ فَدَخَلَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ كُلُّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَقٌّ لَمْ يُوَفِّهِ أَوْ جَحَدَهُ فَيَجُوزُ لَهُ الِاقْتِصَاصُ مِنْهُ انْتَهَى.
وَقَدْ يُقَالُ إنَّ فِي الِاسْتِدْلَالِ بِحَدِيثِ عُتْبَةَ عَلَى ذَلِكَ نَظَرٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ خُذُوا مِنْهُمْ بِطَرِيقِ الظَّفَرِ وَالْقَهْرِ فَلَعَلَّ مَعْنَاهُ خُذُوا مِنْهُمْ بِرَفْعِ الْأَمْرِ إلَى الْحُكَّامِ لِيُلْزِمُوهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ أَبِي كَرِيمَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَيُّمَا رَجُلٍ أَضَافَ قَوْمًا فَأَصْبَحَ الضَّيْفُ مَحْرُومًا فَإِنَّ نَصْرَهُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ حَتَّى يَأْخُذَ بِقِرَى لَيْلَةٍ مِنْ زَرْعِهِ وَمَالِهِ» وَرَوَاهُ أَيْضًا بِلَفْظِ «لَيْلَةُ الضَّيْفِ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فَمَنْ أَصْبَحَ بِفِنَائِهِ فَهُوَ دَيْنٌ عَلَيْهِ فَإِنْ شَاءَ اقْتَضَى، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ» فَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَقْتَضِي وَيُطَالِبُ وَيَنْصُرُهُ الْمُسْلِمُونَ لِيَصِلَ إلَى حَقِّهِ لَا أَنَّهُ يَأْخُذُ ذَلِكَ بِيَدِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ أَحَدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute