للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

تَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي الْحَدِيثِ الثَّانِي مِنْ بَابِ مَا يُفْسِدُ الْمَاءَ وَمَا لَا يُفْسِدُهُ.

[فَائِدَةٌ الْجَمْع بَيْن حَدِيث عَائِشَة وَالْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْغُسْل] ١

(الرَّابِعَةُ) فِي الْجَمْعِ بَيْنَ مَا ظَاهِرُهُ الِاخْتِلَافُ مِنْ الرِّوَايَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَحَدِيثُ الْبَابِ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ هُوَ وَعَائِشَةُ مِنْ الْإِنَاءِ الْمَذْكُورِ وَرِوَايَةُ مَالِكٍ عِنْد مُسْلِمٍ أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلُ مِنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عَائِشَةَ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ إسْقَاطَ ذِكْرِ عَائِشَةَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ اغْتِسَالِهَا مَعَهُ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ اغْتَسَلَ مِنْهُ وَحْدَهُ فَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهُ اسْتَوْعَبَ الْإِنَاءَ فِي غُسْلِهِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مِنْهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لِلتَّبْعِيضِ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَدْ وَقَعَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مَرَّةً مَعَهَا وَمَرَّةً وَحْدَهُ.

وَأَمَّا رِوَايَةُ اللَّيْثِ وَابْنِ عُيَيْنَةَ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا اغْتِسَالَ عَائِشَةَ مَعَهُ فَإِنَّهُ قَالَ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ: وَكُنْت أَغْتَسِلُ أَنَا، وَهُوَ فِي الْإِنَاءِ الْوَاحِدِ أَوْ مِنْ إنَاءٍ وَاحِدٍ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهَا هُوَ الْإِنَاءُ الْمَذْكُورُ الَّذِي هُوَ الْفَرَقُ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِحَدِيثِ مَعْمَرٍ وَإِنْ كَانَتْ أَرَادَتْ بَيَانَ اغْتِسَالِهَا مَعَهُ بِغَيْرِ قَيْدِ كَوْنِهِ مِنْ الْإِنَاءِ الَّذِي هُوَ الْفَرَقُ فَيَكُونُ الْجَوَابُ عَنْهُ كَالْجَوَابِ عَنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ.

وَأَمَّا رِوَايَةُ حَفْصَةَ عَنْ عَائِشَةَ الَّتِي فِيهَا أَنَّهُمَا كَانَا يَغْتَسِلَانِ مِنْ إنَاءٍ يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ أَوْ قَرِيبَهَا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِحَدِيثِ الْفَرَقِ، وَقَدْ جَمَعَ الْقَاضِي عِيَاضٌ بَيْنَهُمَا بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَنْفَرِدُ بِاغْتِسَالِهِ بِثَلَاثَةِ أَمْدَادٍ، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْمُدِّ هُنَا الصَّاعَ فَيَكُونُ مُوَافِقًا لِحَدِيثِ الْفَرَقِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا وَقَعَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَاغْتَسَلَا مِنْ إنَاءٍ يَسَعُ ثَلَاثَةَ أَمْدَادٍ وَزَادَهُ لَمَّا فَرَغَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قُلْت وَلَعَلَّهُمَا أَيْضًا لَمْ يَزِيدَاهُ بَلْ كَفَاهُمَا لِلِاغْتِسَالِ إذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُمَا زَادَاهُ فَلَا مَانِعَ مِنْ اكْتِفَائِهِمَا بِهِ.

وَقَدْ وَضَعَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدَهُ فِيهِ فَبُورِكَ كَمَا وَقَعَ فِي الْقَدَحِ الَّذِي تَوَضَّأَ مِنْهُ الْجَمُّ الْغَفِيرُ وَكَانَ لَا يَسَعُ يَدَهُ أَنْ يَبْسُطَهَا فِيهِ فَلَا يُقَاسُ غَيْرُهُ عَلَيْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسَةُ) إنْ قَالَ قَائِلٌ حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي اغْتِسَالِهِمَا بِالْفَرَقِ يَدُلُّ عَلَى اسْتِعْمَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي اغْتِسَالِهِ صَاعًا وَنِصْفَ صَاعٍ إنْ اسْتَعْمَلَاهُ بِالسَّوِيَّةِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ مِنْ صَاعٍ وَنِصْفٍ إنْ تَفَاضَلَا فَكَيْفَ يَتَّفِقُ هَذَا مَعَ حَدِيثِ أَنَسٍ الْمُخَرَّجُ فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إلَى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ وَيَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ» فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ غَايَةَ مَا اغْتَسَلَ بِهِ صَاعٌ وَرُبُعٌ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سَفِينَةَ «كَانَ يَغْتَسِلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>