. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
[فَائِدَة الْوَاهِبَ وَالْمُهْدِيَ إذَا رُدَّتْ إلَيْهِ عَطِيَّتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاجِعُ فِيهَا]
الْعَاشِرَةُ} قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ فِيهِ أَنَّ الْوَاهِبَ وَالْمُهْدِيَ إذَا رُدَّتْ إلَيْهِ عَطِيَّتُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّاجِعُ فِيهَا فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَهَا إذْ لَا عَارَ عَلَيْهِ فِي قَبُولِهَا وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
[فَائِدَة عَادَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ إخْرَاجِ مَا شَغَلَهُمْ عَنْ بَعْضِ الْعِبَادَاتِ عَنْ مِلْكِهِمْ] ١
{الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ} جَرَتْ عَادَةُ الْأَنْبِيَاءٍ وَالصَّالِحِينَ بِإِخْرَاجِ مَا شَغَلَهُمْ عَنْ بَعْضِ الْعِبَادَاتِ عَنْ مِلْكِهِمْ رَأْسًا وَكَذَلِكَ مَا أَعْجَبَهُمْ مِنْ مِلْكِهِمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي حَقِّ سُلَيْمَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} [ص: ٣٢] {رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ} [ص: ٣٣] وَأَخْرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخَمِيصَةَ عَنْ مِلْكِهِ وَرَمَى بِالْخَاتَمِ أَيْضًا لَمَّا شَغَلَهُ كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتَّخَذَ خَاتَمًا وَلَبِسَهُ قَالَ شَغَلَنِي هَذَا عَنْكُمْ مُنْذُ الْيَوْمِ إلَيْهِ نَظْرَةٌ وَإِلَيْكُمْ نَظْرَةٌ ثُمَّ أَلْقَاهُ» .
«وَأَمَّا نَزْعُهُ خَاتَمَ الذَّهَبِ عِنْدَ التَّحْرِيمِ» فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَنَّهُ كَانَ مِنْ فِضَّةٍ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ إنَّهُ وَهْمٌ قُلْتُ وَلَعَلَّهُ كَانَ لَمَّا شَغَلَهُ عَنْهُمْ وَإِنْ كَانَ فِضَّةً فَيَكُونُ لَا لِحُرْمَتِهِ وَلَكِنْ لِاشْتِغَالِهِ بِهِ عَنْهُمْ وَلَا حَاجَةَ حِينَئِذٍ إلَى الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْوَهْمِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَرَوَيْنَا فِي الزُّهْدِ لِابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكٍ عَنْ أَبِي النَّضْرِ قَالَ «انْقَطَعَ شِرَاكُ نَعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَصَلَهُ بِشَيْءٍ جَدِيدٍ فَجَعَلَ يَنْظُرُ إلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ قَالَ انْزِعُوا هَذَا وَاجْعَلُوا الْأَوَّلَ مَكَانَهُ فَقِيلَ كَيْفَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إنِّي كُنْت أَنْظُرُ إلَيْهِ وَأَنَا أُصَلِّي» .
وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ حَفِيفٍ الشِّيرَازِيُّ بِإِسْنَادِهِ إلَى عَائِشَةَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - احْتَذَى نَعْلًا فَأَعْجَبَهُ حُسْنُهَا ثُمَّ خَرَجَ بِهَا فَدَفَعَهَا إلَى أَوَّلِ مِسْكِينٍ لَقِيَهُ ثُمَّ قَالَ اشْتَرِ لِي نَعْلَيْنِ مَخْصُوفَتَيْنِ» وَرَوَى مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ «أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيَّ كَانَ يُصَلِّي فِي حَائِطِهِ فَطَارَ دُبْسِيٌّ فَطَفِقَ يَتَرَدَّدُ يَلْتَمِسُ مَخْرَجًا فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ فَجَعَلَ يَتْبَعُهُ بِبَصَرِهِ سَاعَةً ثُمَّ رَجَعَ إلَى صَلَاتِهِ فَإِذَا هُوَ لَا يَدْرِي كَمْ صَلَّى فَقَالَ لَقَدْ أَصَابَتْنِي فِي مَالِي هَذَا فِتْنَةٌ فَجَاءَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ لَهُ الَّذِي أَصَابَهُ فِي حَائِطِهِ مِنْ الْفِتْنَةِ وَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ صَدَقَةٌ لَك فَضَعْهُ حَيْثُ شِئْت» .
١ -
{الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ} قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِيَّ إنَّ صَلَاتَهُ فِي الْخَمِيصَةِ لِمَعْنَيَيْنِ لِأَنَّ الصُّوفَ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ أَوْ لِأَنَّ ذَبَائِحَ أَهْلِ الْكِتَابِ حَلَالٌ لَنَا قُلْتُ لَا يَلْزَمُ وَاحِدٌ مِنْ الْأَمْرَيْنِ لَا أَنَّ صُوفَ الْخَمِيصَةِ كَانَ مِنْ مَيِّتَةٍ وَلَا أَنَّهُ مِنْ ذَبَائِحِ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَالْأَصْلُ الطَّهَارَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute