. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
مَثَلًا لِبُعْدِ أَقْطَارِ الْحَوْضِ وَسَعَتِهِ وَقُرْبِ ذَلِكَ مِنْ الْإِفْهَامِ لِبُعْدٍ مَا بَيْنَ الْبِلَادِ الْمَذْكُورَةِ لَا عَلَى التَّقْدِيرِ الْمَوْضُوعِ لِلتَّحْدِيدِ بَلْ لِلْإِعْلَامِ بِعِظَمِ بُعْدِ الْمَسَافَةِ فَبِهَذَا تَجْتَمِعُ الرِّوَايَاتُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ بَعْدَ حِكَايَتِهِ، وَلَيْسَ فِي الْقَلِيلِ مِنْ هَذِهِ الْمَسَافَاتِ مَنْعُ الْكَثِيرِ فَالْكَثِيرُ ثَابِتٌ عَلَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ وَلَا مُعَارَضَةَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة أَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَاهِدًا عَلَى جَمِيع الْأُمَم]
{الْخَامِسَةُ} قَوْلُهُ «وَأَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمْ» مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا} [النساء: ٤١] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: ١٤٣] ، وَقَدْ ذَكَرَ التَّفْسِيرُ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يَشْهَدُ عَلَى جَمِيعِ الْأُمَمِ مَنْ رَآهُ وَمَنْ لَمْ يَرَهُ، وَقَدْ أَخْبَرَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِأَمْرَيْنِ كَوْنُهُ فَرَطًا لَهُمْ يَتَقَدَّمُهُمْ بِعَمَلِ مَصْلَحَتِهِمْ وَشَهِيدًا عَلَيْهِمْ يَشْهَدُ بِأَعْمَالِهِمْ فَكَأَنَّهُ بَاقٍ مَعَهُمْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُمْ بَلْ يَبْقَى بَعْدَهُمْ حَتَّى يَشْهَدَ بِأَعْمَالِ آخِرِهِمْ فَجَمَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مَا بَيْنَ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ اللَّتَيْنِ تَتَنَافَيَانِ فِي حَقِّ غَيْرِهِ فَهُوَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَائِمٌ بِأَمْرِهِمْ فِي الدَّارَيْنِ فِي حَالَتَيْ حَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ تُحْدِثُونَ وَيُحْدَثُ لَكُمْ وَوَفَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ فَمَا رَأَيْت مِنْ خَيْرٍ حَمِدْت اللَّهَ عَلَيْهِ وَمَا رَأَيْت مِنْ شَرٍّ اسْتَغْفَرْت اللَّهَ لَكُمْ»
[فَائِدَة الْحُلْف لِتَفْخِيمِ الْأَمْر وَتَوْكِيده] ١
{السَّادِسَةُ} فِيهِ الْحَلِفُ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافٍ بَلْ لِتَفْخِيمِ الْأَمْرِ وَتَوْكِيدِهِ.
[فَائِدَة خَوْف النَّبِيّ وَحِرْصه]
{السَّابِعَةُ} قَوْلُهُ «وَإِنِّي قَدْ أُعْطِيت مَفَاتِيحَ خَزَائِنِ الْأَرْضِ أَوْ مَفَاتِيحَ الْأَرْضِ» هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ وَكَأَنَّهُ شَكٌّ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ فِي اللَّفْظِ الْمَقُولِ وَأَشَارَ إلَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِذَلِكَ إلَى مَا فُتِحَ عَلَى أُمَّتِهِ مِنْ الْمُلْكِ وَالْخَزَائِنِ وَقَوْلُهُ «وَإِنِّي وَاَللَّهِ مَا أَخَاف عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي» أَيْ مَجْمُوعُكُمْ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَقَعُ ذَلِكَ لِبَعْضِهِمْ وَقَوْلُهُ «، وَلَكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا أَيْ فِي خَزَائِنِ الْأَرْضِ» الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى الدُّنْيَا وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهَا صَرِيحًا وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ «، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوا فِيهَا» ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مُعْجِزَاتٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّ مَعْنَاهُ الْإِخْبَارُ بِأَنَّ أُمَّتَهُ تَمْلِكُ خَزَائِنَ الْأَرْضِ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ وَأَنَّهَا لَا تَرْتَدُّ جُمْلَةً، وَقَدْ عَصَمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّهَا تَتَنَافَسُ فِي الدُّنْيَا وَتَقْتَتِلُ عَلَيْهَا، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ عَصَمَنَا اللَّهُ مِنْهُ آمِينَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute