. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْأَصْمَعِيُّ وَكَانَ الْقِيَاسُ لَوْ قِيلَ مِثْلُ جِلْسَةٍ وَخِدْمَةٍ إلَّا أَنَّهُ جَاءَ عَلَى فَعْلَةٍ وَاحِدَةٍ، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ الرِّوَايَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَقَدْ تُكْسَرُ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: وَهُوَ عِنْدَ الْإِثْبَاتِ خَطَأٌ وَحَكَى فِي الْمَشَارِقِ عَنْ شَمِرٍ أَنَّهُ أَنْكَرَ الْفَتْحَ وَصَحَّحَ الْكَسْرَ، وَحَكَى فِي الْمُحْكَمِ الْوَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ وَزَادَ فِيهِ لُغَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ (إحْدَاهُمَا) الْمَهَنَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالْهَاءِ.
(وَالثَّانِيَةُ) الْمَهِنَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا الْخِدْمَةُ وَبِهِ جَزَمَ صَاحِبَا الصِّحَاحِ وَالنِّهَايَةِ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ «فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ» يَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ، وَقَالَ فِي الْمَشَارِقِ أَيْ عَمَلِهِمْ وَخِدْمَتِهِمْ وَمَا يُصْلِحُهُمْ، وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ هِيَ الْحَذْقُ بِالْخِدْمَةِ وَالْعَمَلِ.
[فَائِدَة بَيَانُ تَوَاضُعِ الرَّسُول وَخُرُوجه إلَى الصَّلَاة] ١
(الرَّابِعَةُ) فِيهِ بَيَانُ تَوَاضُعِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالْمِهْنَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ مُفَسَّرَةٌ بِمَا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ مِنْ خَصْفِ نَعْلِهِ وَخِيَاطَةِ ثَوْبِهِ، وَبِمَا فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ فِي الشَّمَائِلِ «مِنْ فَلِّ ثَوْبِهِ وَحَلْبِ شَاتِهِ وَخِدْمَةِ نَفْسِهِ» أَمَّا خِدْمَةُ أَهْلِهِ فِي الْحَاجَاتِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِنَّ فَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ فِي الْحَدِيثِ فِيمَا يَظْهَرُ وَلَا يُمْكِنُ لِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُنَّ - السُّكُوتُ عَنْ ذَلِكَ وَالْمُوَافَقَةُ عَلَيْهِ، وَقَدْ رَجَّحَ أَصْحَابُنَا الشَّافِعِيَّةُ فِي الزَّوْجَةِ الَّتِي يَجِبُ إخْدَامُهَا أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ قَالَ أَنَا أَخْدُمُهَا لِتَسْقُطَ مُؤْنَةُ الْخَادِمِ عَنِّي لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهَا تَسْتَحِي مِنْهُ وَتُعَيَّرُ بِهِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَهُ ذَلِكَ وَبِهِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَقَالَ الْقَفَّالُ وَغَيْرُهُ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا لَا يُسْتَحَى مِنْهُ كَغَسْلِ الثَّوْبِ وَاسْتِقَاءِ الْمَاءِ وَكَنْسِ الْبَيْتِ وَالطَّبْخِ دُونَ مَا يَرْجِعُ إلَى خِدْمَتِهَا كَصَبِّ الْمَاءِ عَلَى يَدِهَا وَحَمْلِهِ إلَى الْمُسْتَحَمِّ انْتَهَى.
فَإِذَا قِيلَ مِثْلُ هَذَا فِي الْآحَادِ فَكَيْفَ فِي حَقِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي الشَّمَائِلِ لِأَبِي الْحَسَنِ الضَّحَّاكِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي صِفَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مُتَوَاضِعٌ فِي غَيْرِ مَذَلَّةٍ» قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: وَفِيهِ أَنَّ الْأَئِمَّةَ وَالْعُلَمَاءَ يَتَنَاوَلُونَ خِدْمَةَ أُمُورِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ، وَأَنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ الصَّالِحِينَ.
(الْخَامِسَةُ) بَوَّبَ عَلَيْهِ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ «مَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَهْلِهِ فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَخَرَجَ» قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ لَمَّا لَمْ يَذْكُرْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَزَاحَ عَنْ نَفْسِهِ هَيْئَةَ مِهْنَةٍ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَرْءَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مُشَمِّرًا، وَكَيْفَ كَانَ مِنْ حَالَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُكْرَهُ لَهُ التَّشْمِيرُ وَكَفُّ الشَّعْرِ وَالثِّيَابِ إذَا كَانَ يَقْصِدُ ذَلِكَ لِلصَّلَاةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَقُومَ إلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute