. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَقِيلَ فِي الْخَامِسَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِيَوْمِ الْخَنْدَقِ يَوْمًا بِعَيْنِهِ بَلْ هُوَ إشَارَةٌ إلَى الْغُزَاةِ كَمَا يُقَالُ يَوْمُ بَدْرٍ وَيَوْمُ أُحُدٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِلْخَنْدَقِ الَّذِي حُفِرَ حَوْلَ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ وَأَصْلُهُ كِنْدَةٌ أَيْ مَحْفُورٌ.
(الثَّانِيَةُ) الضَّمَائِرُ فِي قَوْلِهِ مَا لَهُمْ مَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ يَعُودُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ شَغَلُوهُ عَنْ الصَّلَاةِ بِمُقَاتَلَتِهِمْ، وَهُوَ دُعَاءٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ: «اللَّهُمَّ امْلَأْ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا» فَفِيهِ جَوَازُ الدُّعَاءِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ بِمِثْلِ هَذَا، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَبُطُونَهُمْ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ فِي التَّفْسِيرِ مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ أَوْ أَجْوَافَهُمْ شَكَّ يَحْيَى نَارًا وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ نَارًا أَوْ بُيُوتَهُمْ أَوْ بُطُونَهُمْ شَكَّ شُعْبَةُ فِي الْبُيُوتِ، وَالْبُطُونِ.
[فَائِدَةٌ اشْتِغَالُ النَّبِيّ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ] ١
(الثَّالِثَةُ) مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ اسْتَمَرَّ اشْتِغَالُهُ بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ وَيُعَارِضُهُ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ «حَبَسَ الْمُشْرِكُونَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى احْمَرَّتْ الشَّمْسُ أَوْ اصْفَرَّتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَغَلُونَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا أَوْ حَشَى اللَّهُ أَجْوَافَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا» ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ بِالْكُلِّيَّةِ.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: انْحَبَسَ انْتَهَى إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ أَيْ الْحُمْرَةِ أَوْ الصُّفْرَةِ وَلَمْ تَقَعْ الصَّلَاةُ إلَّا بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ لِلِاشْتِغَالِ بِأَسْبَابِ الصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا انْتَهَى وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ: شَغَلُونَا عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا أَوْ قُلُوبَهُمْ» قَالَ، وَلَمْ يُصَلِّهَا يَوْمَئِذٍ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ فَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ الْأَخِيرِ أَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْ بَعْدَ الْمَغِيبِ سِوَى الصَّلَاةِ فَقَطْ مَعَ تَقْدِيمِ الْأَسْبَابِ عَلَى خُرُوجِ الْوَقْتِ.
وَهَذَا يُؤَيِّدُ الْجَوَابَ الْمُتَقَدِّمَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِجَوَابٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ وَقْعَةَ الْخَنْدَقِ بَقِيَتْ أَيَّامًا فَأَخَّرَ فِي بَعْضِهَا الصَّلَاةَ إلَى الْحُمْرَةِ أَوْ الصُّفْرَةِ وَفِي بَعْضِهَا إلَى الْغُرُوبِ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ رَاوِيَ التَّأْخِيرِ إلَى الْغُرُوبِ غَيْرُ رَاوِي التَّأْخِيرِ إلَى الْحُمْرَةِ أَوْ الصُّفْرَةِ عَلَى أَنَّ لَفْظَ رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ حَتَّى غَابَتْ الشَّمْسُ.
(الرَّابِعَةُ) مُقْتَضَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ أَنَّهُ لَمْ يَفُتْ غَيْرُ الْعَصْرِ وَفِي الْمُوَطَّإِ الظُّهْرُ، وَالْعَصْرُ وَفِي جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute