وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيت بِخَزَائِنِ الْأَرْضِ فَوُضِعَ فِي يَدَيَّ سُوَارَانِ فَكَبُرَا عَلَيَّ
ــ
[طرح التثريب]
وَظَاهِرُهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَرَرْتُمْ (قُلْت) لَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِهِ وَصَرْفِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ كَمَا أَوَّلْنَا الْحَدِيثَ وَمَعْنَاهُ أَنَّهَا لَمَّا أَشْبَهَتْ النُّبُوَّةَ فِي الِاطِّلَاعِ عَلَى الْغَيْبِ بِخَلْقِ إدْرَاكٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يُتَلَاعَبْ بِهَا، وَلَمْ يُتَكَلَّمْ فِيهَا بِغَيْرِ عِلْمٍ كَمَا لَا يُخَاضُ فِي النُّبُوَّةِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ لَلرَّوِيَّا مَلَكًا وَهَذَا مِنْ مَعْنَى النُّبُوَّةِ لِأَنَّ لَفْظَ النَّبِيِّ قَدْ يَكُونُ فَعِيلًا بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَجَرِيحٍ أَيْ يُعَلِّمُ اللَّهُ رَسُولَهُ وَيُطْلِعُهُ مِنْ غَيْبِهِ فِي مَنَامِهِ عَلَى مَا لَا يُظْهِرُ عَلَيْهِ أَحَدًا إلَّا مَنْ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ، وَقَدْ يَكُونُ نَبِيٌّ فَعِيلَا بِمَعْنَى فَاعِلٍ كَعَلِيمٍ أَيْ يُعْلِمُ غَيْرَهُ بِمَا أُوحِيَ إلَيْهِ وَهَذَا أَيْضًا صُورَةُ صَاحِبِ الرُّؤْيَا.
[فَائِدَة هَلْ تفيد الرُّؤْيَا حُكْمًا مِنْ أَحْكَام التَّكْلِيف] ١
(السَّادِسَةُ) قَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَوْنِ الرُّؤْيَا جُزْءًا مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ، وَلَمْ يَذْكُرُ أَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ الرِّسَالَةِ أَنَّهُ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا فِي إثْبَاتِ حُكْمٍ، وَإِنْ أَفَادَتْ الِاطِّلَاعَ عَلَى غَيْبٍ فَشَأْنُ النُّبُوَّةِ الِاطِّلَاعُ عَلَى الْغَيْبِ وَشَأْنُ الرِّسَالَةِ تَبْلِيغُ الْأَحْكَامِ لِلْمُكَلَّفِينَ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ صَادِقٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّوْمِ بِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ مُخَالِفٍ لِمَا تَقَرَّرَ فِي الشَّرِيعَةِ لَمْ نَعْتَمِدْهُ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ نَقْصُ الرَّائِي لِعَدَمِ ضَبْطِهِ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّ شَخْصًا قَالَ لَهُ لَيْلَةَ شَكٍّ رَأَيْت النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ لِي صُمْ غَدًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ الْقَاضِي قَدْ قَالَ لَنَا فِي الْيَقَظَةِ لَا تَصُومُوا غَدًا فَنَحْنُ نَعْتَمِدُ ذَلِكَ أَوْ مَا هَذَا مَعْنَاهُ وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ اعْتِمَادِ الْمَنَامِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ شَيْخُنَا الْإِمَام جَمَالُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحِيمِ الْإِسْنَوِيُّ وَرَأَيْت فِي مَجْمُوعِ عَتِيقٍ مَنْسُوبٍ لِابْنِ الصَّلَاحِ عَنْ كِتَابِ آدَابِ الْجَدَلِ لِلْأُسْتَاذِ أَبِي إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ حِكَايَةَ وَجْهَيْنِ فِي وُجُوبِ امْتِثَالِ الْأَوَامِرِ الْمَحْكِيَّةِ عَنْهُ فِي الْمَنَامِ (قُلْتُ) وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ مَحَلَّهُمَا مَا لَمْ يُخَالِفْ شَرْعًا مُقَرَّرًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[حَدِيث بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيت بِخَزَائِنِ الْأَرْضِ فَوُضِعَ فِي يَدَيَّ سُوَارَانِ]
الْحَدِيثُ الثَّانِي وَعَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيت بِخَزَائِنِ الْأَرْضِ فَوُضِعَ فِي يَدَيَّ سُوَارَانِ فَكَبُرَا عَلَيَّ وَأَهَمَّانِي فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيَّ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute