للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

هَذَا ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ أَحَدُهَا أَنَّ الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ مَعَ حَذْفِ أَنْ قِيَاسَانِ مُطَّرِدَانِ وَالثَّانِي أَنَّهُمَا مَسْمُوعَانِ، وَالثَّالِثُ أَنَّ الرَّفْعَ قِيَاسٌ، وَالنَّصْبَ سَمَاعٌ وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ بِإِثْبَاتِ أَنْ بِلَفْظِ «مَا يَمْنَعُ مُوسَى أَنْ يَغْتَسِلَ» وَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ.

(الْخَامِسَةُ) الْأُدْرَةُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ نَفْخَةٌ فِي الْخُصْيَةِ يُقَالُ رَجُلٌ آدَرُ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الدَّالِ مِنْ الْأَدَرِ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالدَّالِ ذَكَرَهُ فِي الصِّحَاحِ وَالنِّهَايَةِ وَغَيْرِهِمَا قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيهَا النَّاسُ الْقَيْلَةَ وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ الْآدَرُ وَالْمَأْدُورُ الَّذِي يَنْفَتِقُ صِفَاقُهُ فَيَقَعُ قَصَبُهُ وَلَا يَنْفَتِقُ إلَّا مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ وَقِيلَ هُوَ الَّذِي يُصِيبُهُ فَتْقٌ فِي إحْدَى الْخُصْيَتَيْنِ وَقِيلَ الْخُصْيَةُ الْأَدْرَاءُ الْعَظِيمَةُ مِنْ غَيْرِ فَتْقٍ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ عَظِيمُ الْخُصْيَتَيْنِ.

١ -

(السَّادِسَةُ) فِيهِ بَيَانُ عُتُوِّ بَنِي إسْرَائِيلَ وَاخْتِلَافِهِمْ فَإِنَّهُمْ أَوَّلًا خَالَفُوا نَبِيَّهُمْ وَلَمْ يَتَّبِعُوهُ فِي طَرِيقَتِهِ إمَّا الَّتِي يَجِبُ اتِّبَاعُهُ فِيهَا أَوْ يُسْتَحَبُّ ثُمَّ لَمْ يَكْتَفُوا بِذَلِكَ حَتَّى لَمْ يَحْمِلُوا فِعْلَهُ الَّذِي هُوَ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ عَلَى مَحْمَلٍ حَسَنٍ وَهُوَ التَّمَسُّكُ بِالدِّينِ وَالشَّرْعِ وَمَحَاسِنِ الْأَخْلَاقِ بَلْ جَعَلُوا سَبَبَهُ نَقْصًا فِي بَدَنِهِ ثُمَّ لَمْ يَذْكُرُوا ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِمَالِ بَلْ جَزَمُوا بِهِ وَقَطَعُوا وَأَكَّدُوا ذَلِكَ بِأَنْ أَقْسَمُوا عَلَيْهِ وَحَصَرُوا الْأَمْرَ فِيهِ فَلَمْ يَجْعَلُوا الْحَامِلَ لَهُ عَلَيْهِ سِوَاهُ.

وَهَذَا غَايَةُ الْعُتُوِّ وَنِهَايَةُ الِاخْتِلَاقِ وَلَيْتَ شِعْرِي لِمَ عَيَّنُوا الْأُدْرَةَ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْعُيُوبِ وَكَيْفَ تَجَرَّءُوا عَلَى الِاخْتِلَاقِ عَلَى ذَلِكَ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ بِمَا لَيْسَ لَهُمْ فِيهِ شُبْهَةٌ وَلِهَذَا أَظْهَرَ اللَّهُ بَرَاءَتَهُ بِأَمْرٍ اشْتَمَلَ عَلَى عِدَّةٍ مِنْ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ وَقَصَّ قِصَّتَهُ عَلَى نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنْزَلَ فِيهَا قَوْلَهُ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} [الأحزاب: ٦٩] الْآيَةَ.

[فَائِدَةٌ الْأَنْبِيَاءُ مُنَزَّهُونَ عَنْ النَّقَائِصِ فِي الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ سَالِمُونَ مِنْ الْمَعَايِبِ] ١

(السَّابِعَةُ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْأَنْبِيَاءُ مُنَزَّهُونَ عَنْ النَّقَائِصِ فِي الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ سَالِمُونَ مِنْ الْمَعَايِبِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا قَالَهُ مَنْ لَا تَحْقِيقَ عِنْدَهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ أَصْحَابِ التَّارِيخِ فِي صِفَاتِ بَعْضِهِمْ وَإِضَافَتِهِ بَعْضَ الْعَاهَاتِ إلَيْهِمْ فَاَللَّهُ تَعَالَى قَدْ نَزَّهَهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَرَفَعَهُمْ عَنْ كُلِّ مَا هُوَ عَيْبٌ وَنَقْصٌ مِمَّا يَغُضُّ الْعُيُونَ وَيُنَفِّرُ الْقُلُوبَ انْتَهَى.

وَكَذَا ذَكَرَ النَّوَوِيُّ وَالْقُرْطُبِيُّ هَذَا فِي فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ.

وَقَدْ يُقَالُ دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى سَلَامَتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا كَوْنُهُ يَجِبُ تَنْزِيهُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>